الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                50 51 ص: ولكن الآثار الأخرى، عن عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها إباحة سؤرها; فنريد أن ننظر هل روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يخالفها؟ فنظرنا في ذلك فإذا: أبو بكرة قد حدثنا، قال: ثنا أبو عاصم ، عن قرة بن خالد، قال: ثنا محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " طهور الإناء إذا ولغ فيه الهر أن يغسل مرة أو مرتين" ، قرة بن خالد شك.

                                                وهذا حديث متصل الإسناد فيه خلاف ما في الآثار الأول، وقد فضلها هذا الحديث بصحة إسناده، فإن كان هذا الأمر يؤخذ من جهة الإسناد فإن القول بهذا أولى من القول بما خالفه.

                                                التالي السابق


                                                ش: لما بين أن حديث أبي قتادة لا يتم به الاحتجاج للاحتمال الذي ذكره، استدرك وقال: لكن أحاديث عائشة - رضي الله عنها -المذكورة صريحة بإباحة سؤرها، فيحتاج إلى النظر هل ورد عن النبي - عليه السلام - ما يخالف أحاديث عائشة ، فنظرنا فإذا عن أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - ما يخالفها، ففي مثل هذا لا يؤخذ إلا بالأصح والأقوى، وهذا معنى قوله: "فإن كان هذا الأمر يؤخذ من جهة الإسناد فإن القول بهذا" أي بحديث أبي هريرة "أولى" لأن سنده صحيح ورجاله رجال الصحيحين ما خلا أبا بكرة بكارا القاضي .

                                                وأبو عاصم اسمه الضحاك بن مخلد .

                                                [ ص: 152 ] وأخرجه الدارقطني : ثنا أبو بكر النيسابوري ، قال: ثنا حماد بن الحسن وبكار بن قتيبة ، قالا: ثنا أبو عاصم ... إلى آخره نحوه.

                                                قوله: "طهور الإناء" بضم الطاء، بمعنى طهارة الإناء.

                                                قوله: "إذا ولغ" من الولوغ، يقال: ولغ الكلب في الإناء يلغ -بفتح اللام فيهما- ولوغا، إذا شرب بأطراف لسانه، وعن ثعلبة أنه يقال: ولغ -بكسر اللام- ولكنها غير فصيحة، وتبعه في ذلك أبو علي القالي وابن سيده وابن القطاع وأبو حاتم السجستاني ، وزاد: وسكن بعضهم اللام فقال: ولغ.

                                                وقال ابن جني : مستقبله يلغ بفتح اللام وكسرها، وفي مستقبل ولغ -بالكسر- يلغ بالفتح.

                                                زاد ابن القطاع : ويلغ بفتح اللام كما في الماضي.

                                                وقال ابن خالويه : ولغ يلغ ولوغا وولغانا، وولغ ولوغا وولغا وولوغا وولغانا.

                                                قال أبو زيد : يقال: ولغ الكلب بشرابنا وفي شرابنا ومن شرابنا.

                                                وقال ابن الأثير : وأكثر ما يكون الولوغ في السباع.

                                                وقال ابن قرقول : كل ولوغ شرب وليس كل شرب بولوغ، والشرب أعم، ولا يكون الولوغ إلا للسباع، وكل من يتناول الماء بلسانه دون شفتيه.

                                                فإذا الولوغ صفة من صفات الشرب يختص بها اللسان، والشرب عبارة عن توصيل المشروب إلى محله من داخل الجسم، ألا ترى أنه يقال: شربت الثمار، والشجر والأرض؟ والمصدر من ولغ الكلب: الولوغ -بالضم- قال الخطابي : فإذا كثر فهم الولوغ- بالفتح.

                                                وقال المطرز : الولغ من الكلاب والسباع كلها: هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع يحركه تحريكا قليلا أو كثيرا.

                                                [ ص: 153 ] وقال مكي في شرحه: فإن كان غير مائع يقال: لعقه ولحسه.

                                                قال المطرز : فإن كان الإناء فارغا يقال: لحس، وإن كان فيه شيء يقال: ولغ.

                                                وقال ابن درستويه : معنى ولغ لطعه بلسانه، شرب منه أو لم يشرب، كان فيه ماء أو لم يكن، ولا يقال: ولغ في شيء من جوارحه سوى لسانه.




                                                الخدمات العلمية