347 ص: قال : -رحمه الله-: فثبت بهذه الآثار التي رويناها صحة قول من ذهب إلى أبو جعفر ، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار. وجوب الغسل بالتقاء الختانين
وأما وجهه من طريق النظر: فإنا رأيناهم لم يختلفوا أن الجماع في الفرج الذي لا إنزال معه حدث، فقال قوم: هو أغلظ الأحداث فأوجبوا فيه أغلظ الطهارات، وهو الغسل.
وقال قوم: هو كأخف الأحداث، فأوجبوا فيه أخف الطهارات، وهو الوضوء، فأردنا أن ننظر إلى التقاء الختانين; هل هو أغلظ الأشياء فنوجب فيه أغلظ ما يجب في ذلك؟ فوجدنا أشياء يوجبها الجماع، وهي: فساد الصوم والحج، فكان ذلك بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال، ويوجب ذلك في الحج ، الدم وقضاء الحج، ، ويوجب في الصيام القضاء والكفارة في قول من يوجبها.
ولو كان جامع فيما دون الفرج وجب عليه في الحج دم فقط، ولم يجب عليه في الصيام شيء إلا أن ينزل، وكل ذلك محرم عليه في حجه وصيامه.
وكان من زنى بامرأة حد وإن لم ينزل، ولو فعل ذلك على وجه شبهة فسقط بها الحد عنه وجب عليه المهر.
وكان لو جامعها فيما دون الفرج لم يجب في ذلك عليه حد ولا مهر، ولكنه يعزر إذا لم تكن هناك شبهة.
[ ص: 509 ] وكان الرجل إذا تزوج امرأة فجامعها جماعا لا خلوة معه في الفرج، ثم طلقها، كان عليه المهر، أنزل أو لم ينزل، ووجبت عليها العدة، وأحلها ذلك لزوجها الأول، ولو جامعها فيما دون الفرج لم يجب [عليه] في ذلك شيء، وكان عليه في الطلاق نصف المهر إن كان سمى لها مهرا، أو المتعة إذا لم يكن سمى لها مهرا، فكان يجب في هذه الأشياء التي وصفنا التي لا إنزال معها أغلظ ما يجب في الجماع الذي معه الإنزال من الحدود والمهور وغير ذلك.
فالنظر على ذلك أن يكون كذلك هو في [حكم] الأحداث، أغلظ الأحداث، ويجب فيه أغلظ ما يجب في الأحداث، وهو الغسل.