الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
785 559 - (783) - (1 \ 100) حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، قال: كان أبي الحارث على أمر من أمور مكة في زمن عثمان، فأقبل عثمان إلى مكة، فقال عبد الله بن الحارث: فاستقبلت عثمان بالنزل بقديد، فاصطاد أهل الماء حجلا، فطبخناه بماء وملح، فجعلناه عراقا للثريد، فقدمناه إلى عثمان وأصحابه، فأمسكوا، فقال عثمان: صيد لم أصطده، ولم نأمر بصيده، اصطاده

[ ص: 399 ] قوم حل فأطعموناه، فما بأس؟ فقال عثمان: من يقول في هذا؟ فقالوا: علي. فبعث إلى علي، فجاء، قال: عبد الله بن الحارث: فكأني أنظر إلى علي حين جاء وهو يحت الخبط عن كفيه، فقال له عثمان: صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حل، فأطعموناه، فما بأس؟ قال: فغضب علي وقال: أنشد الله رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتي بقائمة حمار وحش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا قوم حرم، فأطعموه أهل الحل " قال: فشهد اثنا عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال علي: أنشد الله رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتي ببيض النعام، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا قوم حرم، أطعموه أهل الحل " قال: فشهد دونهم من العدة من الاثني عشر، قال: فثنى عثمان وركه عن الطعام، فدخل رحله، وأكل ذلك الطعام أهل الماء.


التالي السابق


* قوله: "بقديد" : بالتصغير: موضع بين الحرمين.

* "حجلا" : - بفتحتين - : طائر معروف، جمع حجلة.

* "عراقا" : كغراب; أي: ماء له.

* "فما بأس" : أي: إن أكلناه.

* "من يقول في هذا؟" : أي: من يتكلم في هذا أنه لا يجوز؟

* "يحت" : - بتشديد التاء - من حته: فركه وقشره.

* "الخبط" : - بفتحتين - : ورق يجعل علفا للإبل.

* "فغضب علي وقال" : أي: حاصله أنه كما حرم ما اصطاده المحرم، أو أمر به، كذلك ما صيد لأجله، ولذلك رد رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش; لكونه صيد له، وهذا كذلك قد صيد لعثمان وجماعته، وهذا مما أخذ به الجمهور، وأخذ قوم بما قال به عثمان، وهذا الحديث من أقوى الحجج عليهم.

* "فثنى" : بخفة نون - ; أي: صرف.

* * *




الخدمات العلمية