21015 9173 - (21525) - (5\174 - 175) عن عبد الله بن صامت، قال: قال أبو ذر: غفار، وكانوا يحلون الشهر الحرام، أنا وأخي أنيس وأمنا، [ ص: 454 ] فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وذي هيئة، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه، فقالوا له: إنك إذا خرجت عن أهلك، خلفك إليهم أنيس، فجاء خالنا فنثا عليه ما قيل له، فقلت: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لنا فيما بعد. قال: فقربنا صرمتنا، فاحتملنا عليها، وتغطى خالنا ثوبه وجعل يبكي، قال: فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، قال: فنافر أنيس رجلا عن صرمتنا، وعن مثلها، فأتيا الكاهن، فخير أنيسا، فأتانا بصرمتنا، ومثلها. وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين. قال: فقلت: لمن؟ قال: لله. قال: قلت: فأين توجه؟ قال: حيث وجهني الله، قال: وأصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء، قال قال أبو النضر : سليمان: كأني خفاء، قال: يعني خباء تعلوني الشمس. قال: فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة، فاكفني حتى آتيك. قال: فانطلق فراث علي، ثم أتاني، فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلا يزعم أن الله أرسله على دينك. قال: فقلت: ما يقول الناس له؟ قال: يقولون: إنه شاعر وساحر وكاهن، وكان أنيس شاعرا، قال: فقال: قد سمعت قول الكهان، فما يقول بقولهم، وقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فوالله ما يلتام لسان أحد أنه شعر، والله إنه لصادق، وإنهم لكاذبون. قال: فقلت له: هل أنت كافي حتى أنطلق فأنظر؟ قال: نعم، فكن من أهل مكة على حذر، فإنهم قد شنفوا له، وتجهموا له، وقال عفان: شئفوا له، وقال بهز: سبقوا له، وقال شفوا له، قال: فانطلقت حتى قدمت أبو النضر: مكة، فتضعفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الرجل الذي تدعونه الصابئ؟ قال: فأشار إلي، قال: الصابئ، قال: فمال أهل الوادي علي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، فأتيت زمزم فشربت من مائها، وغسلت عني الدم، فدخلت بين الكعبة وأستارها، فلبثت به ابن أخي ثلاثين، من بين يوم وليلة، وما لي طعام إلا [ ص: 455 ] ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع. قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان، وقال عفان: إصحيان، وقال بهز: إضحيان، وكذلك قال فضرب الله على أصمخة أهل أبو النضر، مكة فما يطوف بالبيت غير امرأتين، فأتتا علي وهما تدعوان إساف ونائل، قال: فقلت: أنكحوا أحدهما الآخر. فما ثناهما ذلك، قال: فأتتا علي، فقلت: وهن مثل الخشبة. غير أني لم أكن، قال: فانطلقتا تولولان، وتقولان: لو كان هاهنا أحد من أنفارنا قال: فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما هابطان من الجبل، فقال: "ما لكما " فقالتا: الصابئ بين وأبو بكر الكعبة وأستارها. قالا: "ما قال لكما؟ " قالتا: قال لنا كلمة تملأ الفم. قال: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه حتى استلم الحجر، فطاف بالبيت، ثم صلى، قال: فأتيته، فكنت أول من حياه بتحية أهل الإسلام، فقال: "عليك ورحمة الله، ممن أنت؟ " قال: قلت: من غفار. قال: فأهوى بيده، فوضعها على جبهته، قال: فقلت في نفسي: كره أني انتهيت إلى غفار. قال: فأردت أن آخذ بيده، فقذفني صاحبه، وكان أعلم به مني قال: "متى كنت هاهنا "
قال: كنت هاهنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم. قال: "فمن كان يطعمك؟ " قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم. قال: فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سخفة جوع. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها مباركة، وإنها طعام طعم ". قال ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة. قال: ففعل، قال: فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم، وانطلق أبو بكر: وانطلقت معهما، حتى فتح أبو بكر، بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب أبو بكر الطائف، قال: فكان ذلك أول طعام أكلته بها، فلبثت ما لبثت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد وجهت إلي أرض ذات نخل، ولا أحسبها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك لعل الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ " .
[ ص: 456 ]
قال: فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسا، قال: فقال لي: ما صنعت؟ قال: قلت: إني صنعت أني أسلمت وصدقت. قال: قال: فما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت. ثم أتينا أمنا، فقالت: فما بي رغبة عن دينكما، فإني قد أسلمت وصدقت فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارا، فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقال، يعني يزيد ببغداد: وقال بعضهم: إذا قدم، وقال بهز: إخواننا، نسلم، وكذا قال وكان يؤمهم أبو النضر، خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري، وكان سيدهم يومئذ، وقال بقيتهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأسلم بقيتهم، قال: وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله، إخواننا، نسلم على الذي أسلموا عليه. فأسلموا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله " وقال بهز: وكان يؤمهم إيماء بن رحضة، وقال أبو النضر: إيماء. خرجنا من قومنا