16 15 - (15) - (1 \ 4 - 5) عن - رضي الله عنه - ، قال: أبي بكر الصديق ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط؟ قال: فسأله، فقال: "نعم، لأبي بكر: فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد، ففظع الناس بذلك، حتى انطلقوا إلى عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا، وأمر الآخرة، آدم - عليه السلام - ، والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم! أنت أبو البشر، وأنت اصطفاك الله - عز وجل - ، اشفع لنا إلى ربك، قال: لقد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم، إلى نوح: إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين [آل عمران: 33]، قال: فينطلقون إلى نوح - عليه السلام - ، فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فأنت اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الأرض من الكافرين ديارا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم - عليه السلام - ; فإن الله - عز وجل - اتخذه خليلا، فينطلقون إلى إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى - عليه السلام - ; فإن الله - عز وجل - كلمه تكليما، فيقول موسى - عليه السلام - : ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى بن مريم، فإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، فيقول عيسى - عليه السلام - : ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم، فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع لكم إلى ربكم - عز وجل - .
قال: فينطلق، فيأتي جبريل - عليه السلام - ربه، فيقول الله - عز وجل - :
[ ص: 32 ] ائذن له، وبشره بالجنة. قال: فينطلق به جبريل، فيخر ساجدا قدر جمعة، ويقول الله - عز وجل - : ارفع رأسك يا محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربه - عز وجل - ، خر ساجدا قدر جمعة أخرى، فيقول الله - عز وجل - : ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع، قال: فيذهب ليقع ساجدا، فيأخذ جبريل - عليه السلام - بضبعيه، فيفتح الله - عز وجل - عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب! خلقتني سيد ولد آدم، ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخر، حتى إنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادعوا الصديقين فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة، والنبي وليس معه أحد، ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون لمن أرادوا، قال: فإذا فعلت الشهداء ذلك، قال: يقول الله - عز وجل - : أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئا، قال: فيدخلون الجنة.
قال: ثم يقول الله - عز وجل - : انظروا في النار: هل تلقون من أحد عمل خيرا قط; قال: فيجدون في النار رجلا، فيقول له: هل عملت خيرا قط; فيقول: لا، غير أني كنت أسامح الناس في البيع، فيقول الله - عز وجل - : أسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي.
ثم يخرجون من النار رجلا، فيقول له: هل عملت خيرا قط; فيقول: لا، غير أني قد أمرت ولدي: إذا مت فأحرقوني بالنار، ثم اطحنوني، حتى إذا كنت مثل الكحل، فاذهبوا بي إلى البحر، فاذروني في الريح، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا، فقال الله - عز وجل - له: لم فعلت ذلك; قال: من مخافتك، قال: فيقول الله - عز وجل - : انظر إلى ملك أعظم ملك، فإن لك مثله وعشرة أمثاله، قال: فيقول: لم تسخر بي وأنت الملك; قال: وذاك الذي ضحكت منه من الضحى". أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فصلى الغداة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى، ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب، كل ذلك لا يتكلم، حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس
[ ص: 33 ]