5233 - حدثنا ، قال : ثنا أبو أمية ، قال : ثنا أبو معاوية بن عمرو الأزدي ، عن أبو إسحاق الفزاري كليب بن وائل ، ثم ذكر بإسناده مثله إلا هنا .
أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب لعثمان في غنائم بدر بسهم ولم يحضرها ؛ لأنه كان غائبا في حاجة الله ، وحاجة رسوله ، فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم كمن حضرها .
فكذلك كل من غاب عن وقعة المسلمين بأهل الحرب بشغل يشغله به الإمام من أمور المسلمين ، مثل أن يبعثه إلى جانب آخر من دار الحرب ، لقتال قوم آخرين ، فيصيب الإمام غنيمة بعد مفارقة ذلك الرجل إياه ، أو يبعث برجل ممن معه من دار الحرب إلى دار الإسلام ، ليمده بالسلاح والرجال ، فلا يعود ذلك الرجل إلى الإمام حتى يغنم غنيمة ، فهو شريك فيها ، وهو كمن حضرها .
وكذلك من أراده فرده الإمام عنها ، وشغله بشيء من أمور المسلمين ، فهو كمن حضرها .
[ ص: 245 ] وعلى هذا الوجه - عندنا - والله أعلم أسهم النبي صلى الله عليه وسلم في غنائم بدر ، ولولا ذلك لما أسهم له ، كما لم يسهم لغيره ممن غاب عنها ؛ لأن غنائم بدر ، وكانت وجبت لمن حضرها دون من غاب عنها ، إذا لما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لغيرهم فيها بسهم ، ولكنها وجبت لمن حضر الوقعة ، ولكل من بذل نفسه لها فصرفه الإمام عنها وشغله بغيرها من أمور المسلمين ، كمن حضرها . لعثمان بن عفان
وأما حديث رضي الله عنه ، فإنما ذلك عندنا - والله أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه أبي هريرة أبان إلى نجد قبل أن يتهيأ خروجه إلى خيبر .
فتوجه أبان في ذلك ، ثم حدث من خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر ما حدث ، فكان ما غاب فيه أبان من ذلك عن حضور خيبر ، وليس هو شغلا شغله النبي صلى الله عليه وسلم عن حضورها بعد إرادته إياه ، فيكون كمن حضرها .
فهذان الحديثان أصلان ، فكل من أراد الخروج مع الإمام إلى قتال العدو ، فرده الإمام على ذلك بأمر آخر من أمور المسلمين ، فتشاغل به حتى غنم الإمام غنيمة ، فهو كمن حضر مع الإمام ، يسهم له في الغنيمة ، كما يسهم لمن حضرها .
وكل شيء تشاغل به رجل من شغل نفسه ، أو شغل المسلمين مما كان دخوله فيه متقدما ، ثم حدث للإمام قتال العدو ، فتوجه له فغنم ، فلا حق لذلك الرجل في الغنيمة ، وهي بين من حضرها وبين من حكمه حكم الحاضر لها .