5234 - واحتج أهل المقالة الأولى لقولهم أيضا ، بما حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : ثنا ، عن شعبة ، قال : سمعت قيس بن مسلم ، طارق بن شهاب أهل البصرة غزوا " نهاوند " ، وأمدهم أهل الكوفة فظفروا .
فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لأهل الكوفة ، وكان عمار على أهل الكوفة ، فقال رجل من بني عطارد : أيها الأجدع ، تريد أن تشاركنا في غنائمنا ؟ فقال : أذني سينبت ، قال : فكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه ، فكتب عمر : ( إن الغنيمة لمن شهد الوقعة ) . أن
قالوا : فهذا عمر رضي الله عنه قد ذهب أيضا إلى أن الغنيمة لمن شهد الوقعة ، فقد وافق هذا قولنا .
قيل لهم : قد يجوز أن تكون نهاوند فتحت وصارت دار الإسلام ، وأحرزت الغنائم ، وقسمت قبل ورود أهل الكوفة .
فإن كان ذلك كذلك ، فإنا نحن نقول أيضا : إن الغنيمة في ذلك لمن شهد الوقعة ، وإن كان جواب عمر رضي الله عنه الذي في هذا الحديث ، لما كتب به إليه ، إنما هو لهذا السؤال ، فإن ذلك مما لا اختلاف فيه .
وإن كان على أن أهل الكوفة لحقوا بهم قبل خروجهم من دار الشرك ، بعد ارتفاع القتال ، فكتب عمر رضي الله عنه : ( إن الغنيمة لمن شهد الوقعة ) فإن في ذلك الحديث ما يدل على أن أهل الكوفة قد كانوا طلبوا [ ص: 246 ] أن يقسم لهم ، وفيهم ، ومن كان فيهم غيره ، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهم ممن يكافأ قول عمار بن ياسر عمر رضي الله عنه بقولهم .
فلا يكون واحد من القولين أولى من الآخر إلا بدليل عليه ، إما من كتاب ، أو من سنة ، وإما من نظر صحيح .
فنظرنا في ذلك ، فرأينا السرايا المبعوثة من دار الحرب إلى بعض أهل الحرب ، أنهم ما غنموا ، فهو بينهم وبين سائر أصحابهم .
وسواء في ذلك من كان خرج في تلك السرية ، ومن لم يخرج ؛ لأنهم قد كانوا بذلوا من أنفسهم ، ما بذل الذين أسروا فلم يفضل في ذلك بعضهم على بعض .
وإن كان ما لقوا من القتال مختلفا ، فالنظر على ذلك ، أن يكون كذلك من بذل نفسه بمثل ما بذل به نفسه من حضر الوقعة ، فهو في ذلك كمن حضر الوقعة ، إذا كان على الشرائط التي ذكرنا في هذا الباب ، والله أعلم .