( و )
nindex.php?page=treesubj&link=20592القسم الثاني من أقسام خطاب الوضع ( السبب ) وهو ( لغة ) أي في استعمال أهل اللغة ( ما توصل به إلى غيره ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14042الجوهري : السبب الحبل ،
[ ص: 139 ] وكل شيء يتوصل به إلى أمر من الأمور . فقيل : هذا سبب ، وهذا مسبب عن هذا ( وشرعا ) أي : والسبب في عرف أهل الشرع ( ما يلزم من وجوده الوجود و ) يلزم ( من عدمه العدم لذاته ) فالأول : احتراز من الشرط . فإنه لا يلزم من وجوده الوجود .
والثاني : احتراز من المانع ; لأنه لا يلزم من عدمه وجود ولا عدم . والثالث : احتراز مما لو قارن السبب فقدان الشرط ، أو وجود المانع . كالنصاب قبل تمام الحول ، أو مع وجود الدين . فإنه لا يلزم من وجوده الوجود ، لكن لا لذاته ، بل لأمر خارج عنه ، وهو انتفاء الشرط ووجود المانع . فالتقييد بكون ذلك لذاته للاستظهار على ما لو تخلف وجود المسبب مع وجدان السبب لفقد شرط أو [ وجود ] مانع ، كمن به سبب الإرث ، ولكنه قاتل ، أو رقيق أو نحوهما ، وعلى ما لو وجد المسبب مع فقدان السبب ، لكن لوجود سبب آخر . كالردة المقتضية للقتل إذا فقدت ووجد قتل يوجب القصاص ، أو زنا محصن . فتخلف هذا الترتيب عن السبب لا لذاته ، بل لمعنى خارج . إذا تقرر هذا ( ف ) اعلم أن السبب ( يوجد الحكم عنده ، لا به ) وهو الذي يضاف إليه الحكم نحو قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس } ) .
و ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ) ; إذ لله سبحانه وتعالى في دلوك الشمس حكمان . أحدهما : كون الدلوك سببا ، والآخر : وجوب الصلاة عنده . وكذلك لله تعالى في الزاني حكمان . أحدهما : وجوب الرجم . والثاني : كون الزنى الذي نيط به سببا . ولا شك أن الأسباب معرفات ، إذ الممكنات مستندة إلى الله تعالى ابتداء عند أهل الحق . وبين المعرف الذي هو السبب ، وبين الحكم الذي نيط به : ارتباط ظاهر . فالإضافة إليه واضحة
nindex.php?page=treesubj&link=20594 ( ويراد به ) أي بالسبب في عرف الفقهاء أشياء . أحدها ( ما يقابل المباشرة . كحفر بئر مع تردية . فأول سبب . وثان علة ) فإذا
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9169_9170_20594حفر إنسان بئرا ، ودفع آخر إنسانا فتردى فيها فهلك . فالأول - وهو الحافر - متسبب إلى هلاكه .
والثاني - وهو الدافع - مباشر . فأطلق الفقهاء السبب على ما يقابل المباشرة . فقالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9170_9169_20594إذا اجتمع المتسبب والمباشر : غلبت المباشرة
[ ص: 140 ] ووجب الضمان على المباشر ، وانقطع حكم التسبب . ومن أمثلته أيضا : لو
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9169_9170_16755_20594ألقاه من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقده . فالضمان على المتلقي بالسيف . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=23597_16763_9170_16755_20594ألقاه في ماء مغرق فتلقاه حوت فابتلعه . فالضمان على الملقي ، لعدم قبول الحوت الضمان . وكذا لو
nindex.php?page=treesubj&link=9170_16755_20594ألقاه في زبية أسد . فقتله ( و ) الشيء الثاني مما
nindex.php?page=treesubj&link=20595يراد بلفظ السبب ( علة العلة كرمي هو سبب لقتل ، وعلة للإصابة التي هي علة للزهوق ) أي زهوق النفس الذي هو القتل . فالرمي هو علة علة القتل .
وقد سموه سببا ( و ) الشيء الثالث مما
nindex.php?page=treesubj&link=20596يراد بلفظ السبب ( العلة الشرعية بدون شرطها ك ) ملك ( نصاب بدون ) حولان ( الحول . و ) الشيء الرابع مما
nindex.php?page=treesubj&link=20597يراد بلفظ السبب العلة الشرعية ( كاملة ) وهي المجموع المركب من مقتضى الحكم وشرطه ، وانتفاء المانع ووجود الأهل والمحل ، سمي ذلك سببا استعارة ; لأن الحكم لم يتخلف عن ذلك في حال من الأحوال . كالكسر للانكسار ، وأيضا فإنما سميت العلة الشرعية الكاملة سببا ; لأن عليتها ليست لذاتها ، بل بنصب الشارع لها أمارة على الحكم ، بدليل وجودها دونه ، كالإسكار قبل التحريم ، ولو كان الإسكار علة للتحريم لذاته لم يتخلف عنه في حال ، كالكسر للانكسار في العقلية . والحال أن التحريم ووجوب الحد موجودان بدون ما لا يسكر . فأشبهت بذلك السبب ، وهو ما يحصل الحكم عنده لا به . فهو معرف للحكم لا موجب له لذاته ، وإلا لوجب قبل الشرع
( وَ )
nindex.php?page=treesubj&link=20592الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ الْوَضْعِ ( السَّبَبُ ) وَهُوَ ( لُغَةً ) أَيْ فِي اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ ( مَا تُوُصِّلَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14042الْجَوْهَرِيُّ : السَّبَبُ الْحَبْلُ ،
[ ص: 139 ] وَكُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَمْرٍ مِنْ الْأُمُورِ . فَقِيلَ : هَذَا سَبَبٌ ، وَهَذَا مُسَبَّبٌ عَنْ هَذَا ( وَشَرْعًا ) أَيْ : وَالسَّبَبُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ ( مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَ ) يَلْزَمُ ( مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ ) فَالْأَوَّلُ : احْتِرَازٌ مِنْ الشَّرْطِ . فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ .
وَالثَّانِي : احْتِرَازٌ مِنْ الْمَانِعِ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ . وَالثَّالِثُ : احْتِرَازٌ مِمَّا لَوْ قَارَنَ السَّبَبُ فِقْدَانَ الشَّرْطِ ، أَوْ وُجُودَ الْمَانِعِ . كَالنِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ، أَوْ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ . فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ ، لَكِنْ لَا لِذَاتِهِ ، بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ ، وَهُوَ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ وَوُجُودُ الْمَانِعِ . فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ ذَلِكَ لِذَاتِهِ لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَى مَا لَوْ تَخَلَّفَ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ مَعَ وُجْدَانِ السَّبَبِ لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ [ وُجُودِ ] مَانِعٍ ، كَمَنْ بِهِ سَبَبُ الْإِرْثِ ، وَلَكِنَّهُ قَاتِلٌ ، أَوْ رَقِيقٌ أَوْ نَحْوُهُمَا ، وَعَلَى مَا لَوْ وُجِدَ الْمُسَبَّبُ مَعَ فُقْدَانِ السَّبَبِ ، لَكِنْ لِوُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ . كَالرِّدَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْقَتْلِ إذَا فُقِدَتْ وَوُجِدَ قَتْلٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ ، أَوْ زِنَا مُحْصَنٍ . فَتَخَلَّفَ هَذَا التَّرْتِيبُ عَنْ السَّبَبِ لَا لِذَاتِهِ ، بَلْ لِمَعْنًى خَارِجٍ . إذَا تَقَرَّرَ هَذَا ( فَ ) اعْلَمْ أَنَّ السَّبَبَ ( يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ ، لَا بِهِ ) وَهُوَ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } ) .
وَ ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=2الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } ) ; إذْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي دُلُوكِ الشَّمْسِ حُكْمَانِ . أَحَدُهُمَا : كَوْنُ الدُّلُوكِ سَبَبًا ، وَالْآخَرُ : وُجُوبُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ . وَكَذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الزَّانِي حُكْمَانِ . أَحَدُهُمَا : وُجُوبُ الرَّجْمِ . وَالثَّانِي : كَوْنُ الزِّنَى الَّذِي نِيطَ بِهِ سَبَبًا . وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَسْبَابَ مُعَرِّفَاتٌ ، إذْ الْمُمْكِنَاتُ مُسْتَنِدَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ . وَبَيْنَ الْمُعَرِّفِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي نِيطَ بِهِ : ارْتِبَاطٌ ظَاهِرٌ . فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ وَاضِحَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=20594 ( وَيُرَادُ بِهِ ) أَيْ بِالسَّبَبِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَشْيَاءُ . أَحَدُهَا ( مَا يُقَابِلُ الْمُبَاشَرَةَ . كَحَفْرِ بِئْرٍ مَعَ تَرْدِيَةٍ . فَأَوَّلٌ سَبَبٌ . وَثَانٍ عِلَّةٌ ) فَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9169_9170_20594حَفَرَ إنْسَانٌ بِئْرًا ، وَدَفَعَ آخَرُ إنْسَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا فَهَلَكَ . فَالْأَوَّلُ - وَهُوَ الْحَافِرُ - مُتَسَبِّبٌ إلَى هَلَاكِهِ .
وَالثَّانِي - وَهُوَ الدَّافِعُ - مُبَاشِرٌ . فَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ السَّبَبَ عَلَى مَا يُقَابِلُ الْمُبَاشَرَةَ . فَقَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9170_9169_20594إذَا اجْتَمَعَ الْمُتَسَبِّبُ وَالْمُبَاشِرُ : غَلَبَتْ الْمُبَاشَرَةُ
[ ص: 140 ] وَوَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشِرِ ، وَانْقَطَعَ حُكْمُ التَّسَبُّبِ . وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=23597_9169_9170_16755_20594أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ . فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَلَقِّي بِالسَّيْفِ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=23597_16763_9170_16755_20594أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ . فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي ، لِعَدَمِ قَبُولِ الْحُوتِ الضَّمَانَ . وَكَذَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=9170_16755_20594أَلْقَاهُ فِي زُبْيَةِ أَسَدٍ . فَقَتَلَهُ ( وَ ) الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=20595يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ ( عِلَّةُ الْعِلَّةِ كَرَمْيٍ هُوَ سَبَبٌ لِقَتْلٍ ، وَعِلَّةٌ لِلْإِصَابَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ لِلزُّهُوقِ ) أَيْ زُهُوقِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ . فَالرَّمْيُ هُوَ عِلَّةُ عِلَّةِ الْقَتْلِ .
وَقَدْ سَمَّوْهُ سَبَبًا ( وَ ) الشَّيْءُ الثَّالِثُ مِمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=20596يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ ( الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِدُونِ شَرْطِهَا كَ ) مِلْكِ ( نِصَابٍ بِدُونِ ) حَوَلَانِ ( الْحَوْلِ . وَ ) الشَّيْءُ الرَّابِعُ مِمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=20597يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ ( كَامِلَةً ) وَهِيَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ مُقْتَضَى الْحُكْمِ وَشَرْطِهِ ، وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَوُجُودِ الْأَهْلِ وَالْمَحَلِّ ، سُمِّيَ ذَلِكَ سَبَبًا اسْتِعَارَةً ; لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ ذَلِكَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ . كَالْكَسْرِ لِلِانْكِسَارِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الْكَامِلَةُ سَبَبًا ; لِأَنَّ عَلِيَّتَهَا لَيْسَتْ لِذَاتِهَا ، بَلْ بِنَصَبِ الشَّارِعِ لَهَا أَمَارَةً عَلَى الْحُكْمِ ، بِدَلِيلِ وُجُودِهَا دُونَهُ ، كَالْإِسْكَارِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ ، وَلَوْ كَانَ الْإِسْكَارُ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ لِذَاتِهِ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ فِي حَالٍ ، كَالْكَسْرِ لِلِانْكِسَارِ فِي الْعَقْلِيَّةِ . وَالْحَالُ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مَوْجُودَانِ بِدُونِ مَا لَا يُسْكِرُ . فَأَشْبَهَتْ بِذَلِكَ السَّبَبَ ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ لَا بِهِ . فَهُوَ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ لَا مُوجِبٌ لَهُ لِذَاتِهِ ، وَإِلَّا لَوَجَبَ قَبْلَ الشَّرْعِ