( باب : النسخ لغة : الإزالة ) وهو الرفع ( حقيقة ) يقال : نسخت الشمس الظل : أي أزالته ورفعته ، ونسخت الريح الأثر كذلك ( و ) يراد به ( النقل مجازا ) وهو نوعان ، أحدهما : النقل مع عدم بقاء الأول ، كالمناسخات في المواريث ، فإنها تنتقل من قوم إلى قوم ، مع بقاء المواريث في نفسها ، والثاني : النقل مع بقاء الأول كنسخ الكتاب ومنه قوله تعالى { إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } وما تقدم هو قول الأكثر ، وقيل : إنه حقيقة في النقل مجاز في الرفع والإزالة عكس الأول وقيل : مشترك بين الإزالة والنقل ( و ) النسخ ( شرعا ) أي في اصطلاح الأصوليين ( رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ ) أي الدليل عن الحكم ذكر معنى ذلك وغيره ، وهو قول الأكثر وقول من قال " بدليل شرعي " أولى ممن قال " بخطاب شرعي " لدخول الفعل في الدليل دون الخطاب وعبر ابن الحاجب بطريق شرعي ، وهو حسن أيضا . البيضاوي
ومن النسخ بالفعل : نسخ الوضوء مما مست النار بأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الشاة ولم يتوضأ ، وقوله " متراخ " لتخرج المخصصات المتصلة ، والمراد بالحكم : ما تعلق بالمكلف بعد وجوده أهلا ، وقل : إن النسخ بيان انتهاء مدة الحكم لا رفعه ، قال في الروضة : ومعنى الرفع : إزالة الشيء على وجه لولاه لبقي ثابتا ، على مثال رفع حكم الإجارة بالفسخ ، فإن ذلك يفارق زوال حكمها بانقضاء مدتها قال : وقيدنا الحد بالخطاب المتقدم ; لأن ابتداء العبادات في الشرع مزيل لحكم العقل من براءة الذمة ، وليس بنسخ ، وقيدناه بالخطاب الثاني ; لأن زوال الحكم بالموت والجنون ليس بنسخ ، وقولنا " مع تراخيه عنه " ; لأنه لو كان متصلا به كان بيانا ، وإتماما لمعنى الكلام ، وتقديرا له بمدة وشرط . انتهى .
( والناسخ هو الله تعالى [ ص: 463 ] حقيقة ) قال ابن قاضي الجبل وغيره : الناسخ يطلق على الله سبحانه وتعالى يقال : نسخ فهو ناسخ ، قال الله تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها } ويطلق على الطريق المعرفة لارتفاع الحكم من الآية ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره والإجماع على الحكم ، كقولنا : . وجوب صوم رمضان نسخ صوم يوم عاشوراء
، كقولهم : فلان ينسخ القرآن بالسنة ، أي يعتقد ذلك فهو ناسخ والاتفاق على أن إطلاقه على الأخيرين مجاز ، وإنما الخلاف في الأولين ، فعند وعلى من يعتقد نسخ الحكم المعتزلة : حقيقة في الطريق لا فيه تعالى ، وعند الجمهور : حقيقة في الله تعالى مجاز في الطريق ، والنزاع لفظي . انتهى . ( والمنسوخ : الحكم المرتفع بناسخ ) كالمرتفع من وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم .