( فصل . لعارف ) بمعاني الألفاظ وما يحيلها ( ) المطابق عند الأئمة الأربعة وجماهير العلماء . وعليه العمل ، لما روى نقل الحديث بالمعنى ابن منده في معرفة الصحابة من حديث { عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي قال : قلت يا رسول الله ، إني أسمع منك الحديث ، فلا أستطيع أن أرويه كما سمعته منك ، يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال : إذا لم تحلوا حراما ولا تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس }
فذكر ذلك للحسن . فقال : لولا هذا ما حدثنا . قال : ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى وكذلك الصحابة . وعنه لا يجوز ، واختاره جمع من العلماء . وحكاه الإمام أحمد ابن السمعاني عن وجمع من التابعين ، ونقل عن ابن عمر أيضا . قال مالك ابن مفلح : في نقله عن ومن معه من التابعين نظر ، فإنه لم يصح عنهم سوى مراعاة اللفظ ، فلعله استحباب ، أو لغير عارف . فإنه إجماع فيهما ، وجوزه ابن عمر إن نسي اللفظ لأنه قد تحمل اللفظ والمعنى وعجز عن أحدهما ، فيلزمه الآخر . وقيل : يجوز ذلك للصحابة فقط . وقيل : يجوز ذلك في الأحاديث الطوال دون القصار . وقيل : يجوز للاحتجاج لا للتبليغ . وقيل : يجوز بلفظ مرادف فقط . ومنع الماوردي إبدال [ ص: 307 ] لفظ بأظهر منه معنى أو أخفى . وقال أبو الخطاب في الواضح : إبداله بالظاهر أولى ، وقال بعض أصحابنا : يجوز بأظهر اتفاقا لجوازه بغير عربية ، وهي أتم بيانا . وحيث تقرر أن الصحيح جواز نقل الحديث بالمعنى ( فليس ) الحديث ( بكلام الله تعالى ) . ( وهو ) أي الحديث ( وحي إن روي مطلقا ) من غير تبيين أن الله أمر أو نهى أو كان خبرا عن الله تعالى ( وإن بين ) النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في الحديث ( أن الله تعالى أمر أو نهى ، أو كان خبرا عن الله ) سبحانه وتعالى ( أنه قاله ف ) لا يجوز تغيير لفظه ( كالقرآن ) ومما يدل على جواز نقل الحديث بالمعنى مع تغيير اللفظ : ما رواه الإمام ابن عقيل بإسناد حسن عن أحمد " إذا حدثناكم بالحديث على معناه فحسبكم " وروى واثلة هذا المعنى عن الخلال مرفوعا ، وحدث ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم حديثا فقال { ابن مسعود } وكان أو دون ذلك ، أو فوق ذلك ، أو قريبا من ذلك رضي الله عنه إذا حدث عنه صلى الله عليه وسلم حديثا قال " أو كما قال " إسنادهما صحيح . رواهما أنس ابن ماجه
. وكذلك نقلت وقائع متحدة بألفاظ مختلفة ، ولأنه يجوز تفسيره بعجمية إجماعا ، فبعربية أولى لحصول المقصود ، وهو المعنى ، ولهذا لا تجب تلاوة اللفظ ولا ترتيبه ، بخلاف القرآن والأذان ونحوه ( وجائز إبدال الرسول بالنبي وعكسه ) وهو إبدال لفظ " النبي " بلفظ " الرسول " نص على ذلك . وبه قال الإمام أحمد رضي الله عنه القاضي أبو يعلى والشيخ تقي الدين والنووي وغيرهم . واعترض بأنه لما { ما يقال عند النوم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت ، قال : ورسولك ، قال : لا ، ونبيك البراء بن عازب } متفق عليه ، ورد الاعتراض بأن فائدة قوله صلى الله عليه وسلم علم النبي صلى الله عليه وسلم : عدم الالتباس للبراء بن عازب بجبريل أو الجمع بين لفظي النبوة والرسالة . قال الشيخ تقي الدين : الجواب عن حديث من ثلاثة أوجه . أحدها : أن " الرسول " كما يكون من الأنبياء يكون من الملائكة . الثاني : أن تضمن قوله صلى الله عليه وسلم { البراء ورسولك } النبوة بطريق الالتزام . فأراد عليه الصلاة والسلام أن يصرح بذكر النبوة . الثالث : الجمع بين [ ص: 308 ] لفظي النبوة والرسالة ، ومحل الخلاف في غير الكتب المصنفة لاتفاقهم على أنه ( لا ) يجوز ( تغيير الكتب المصنفة ) لما فيه من تغيير تصنيف مصنفها . قال : لا نرى الخلاف جاريا ، ولا أجراه الناس فيما نعلم فيما تضمنته بطون الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب ، ويثبت فيه لفظا آخر بمعناه . فإن الرواية بالمعنى رخص فيها من رخص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ والجمود عليها من الحرج والنصب . وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب ، ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره ( ولو كذب ) أصل فرعا فيما رواه عنه ( أو غلط أصل فرعا لم يعمل به ) أي بذلك الحديث الذي كذب فيه الشيخ راويه عنه ، أو غلط فيه الشيخ راويه عنه عندنا . وعند الأكثر . وحكاه جماعة إجماعا لكذب أحدهما . ونقل عن ابن الصلاح وأصحابه ( و ) لكن ( هما على عدالتهما ) لعدم بطلان العدالة المتحققة بالشك . فلو شهدا عند حاكم في واقعة قبلا ; لأن تكذيبه أو تغليطه قد يكون لظن منه أو غيره . وقيل : يعمل به واختاره جماعة ( وإن أنكره ) أي أنكر الأصل الفرع بأن قال الشيخ : ما أعرف هذا الحديث أو نحو ذلك ( ولم يكذبه ) أي ولم يكذب الأصل الفرع في روايته عنه ( عمل به ) عند الشافعي الإمام أحمد ومالك رضي الله تعالى عنهم والأكثر ; لأن الفرع عدل جازم غير مكذب أو مغلط ، فيعمل بما رواه . كموت الأصل أو جنونه . وروى والشافعي سعيد عن الدراوردي عن ربيعة عن عن أبيه عن سهيل بن أبي صالح { أبي هريرة } ونسيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد وقال : حدثني سهيل ربيعة عني . ورواه عن الشافعي الدراوردي . قال : فذكرت ذلك . فقال : أخبرني لسهيل ربيعة - وهو عندي ثقة - أني حدثته إياه ولا أحفظه . وكان يحدثه بعد عن سهيل ربيعة عنه عن أبيه . ورواه وإسناده جيد ولم ينكر ذلك . أبو داود
فإن قيل : فأين العمل به ؟ قيل : مذكور في معرض الحجة . فإنه إذا جاز أن يعمل به ، ثبت أنه حق يجب العمل به . وعنه لا يعمل به . وقاله وأكثر [ ص: 309 ] الحنفية . ولذلك ردوا خبر { أبو حنيفة } لأنه من رواية أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل الزهري وقال : لا أذكره . وكذلك حديث في الشاهد واليمين ، وقاسوه على الشهادة فيما إذا نسي شاهد الأصل . وأجيبوا بأن الشهادة أضيق سهيل