( باب بالتنوين التخصيص ) وتتوقف معرفته على بيان المخصص - بكسر الصاد - والمخصص - بفتحها - فأما : فرسموه بأنه ( قصر العام على بعض أجزائه ) قال التخصيص ابن مفلح : ولعله مراد من قال " على بعض مسمياته " فإن مسمى العام جميع ما يصلح له اللفظ ، لا بعضه . وقال البرماوي تبعا لجمع الجوامع : هو قصر العام على بعض أفراده ، فخرج تقييد المطلق ، لأنه قصر مطلق ، لا عام ، كرقبة مؤمنة . وكذا الإخراج من العدد ، كعشرة إلا ثلاثة . ونحو ذلك ، ودخل ما عمومه باللفظ [ ص: 388 ] ك " اقتلوا المشركين " قصر بالدليل على غير الذمي وغيره ممن عصم بأمان ، وما عمومه بالمعنى ، كقصر علة الربا في بيع الرطب بالتمر مثلا . بأنه ينقص إذا جف على غير العرايا . والمراد من قصر العام : قصر حكمه ، وإن كان لفظ " العام " باقيا على عمومه ، لكن لفظا لا حكما . فبذلك يخرج إطلاق العام وإرادة الخاص . فإن ذلك قصر إرادة لفظ العام ، لا قصر حكمه . وقد ورد على تعريف التخصيص : أنه إنما يكون تخصيصا بدليل عام ، لا قصر العام بدليله . وجوابه : أن الكلام في التخصيص الشرعي فالتقدير قصر الشارع العام على بعض أفراده ، فأضيف المصدر إلى مفعوله . وحذف الفاعل للعلم به ( ويطلق ) التخصيص ( على قصر لفظ غير عام على بعض مسماه ) أي مسمى ذلك اللفظ ( ك ) إطلاق ( عام على غير لفظ عام ) كعشرة ومسلمين للعهد ، قال ابن قاضي الجبل : ويطلق التخصيص على قصر اللفظ على بعض مسماه ، وإن لم يكن عاما بالاصطلاح كإطلاق العشرة على بعض آحادها . وكذلك يطلق على اللفظ عام ، وإن لم يكن عاما لتعدده ، كعشرة والمسلمين المعهودين ، لا المسلمين مطلقا . وإلا كان عاما اصطلاحا ( ويجوز ) التخصيص ( مطلقا ) عند الأئمة الأربعة والأكثر ، أي : سواء كان العام أمرا أو نهيا أو خبرا ، خلافا لبعض الشافعية ، وبعض الأصوليين في الخبر . وعن بعضهم وفي الأمر . واستدل للأول الذي هو الصحيح بأن التخصيص استعمل في الكتاب والسنة ، قال المخالف : يوهم في الخبر الكذب ، وفي الأمر البداء ، ردا بالمنع . ويرد ذلك كله ورود ما هو مخصوص قطعا ، نحو قوله تعالى { الله خالق كل شيء } { تدمر كل شيء بأمر ربها } { يجبى إليه ثمرات كل شيء } { وأوتيت من كل شيء } { وآتيناه من كل شيء سببا } وفي الأمر { اقتلوا المشركين } وفي النهي { لا تقربوهن حتى يطهرن } مع أن بعض القربان غير منهي عنه قطعا . بل قالوا : لا عام إلا وطرقه التخصيص إلا مواضع يسيرة ويجوز التخصيص ( ولو لعام مؤكد ) إذ تأكيده لا يمنع تخصيصه على أصح قولي العلماء ، بدليل قوله تعالى { فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس } إذا قدر متصلا . وفي [ ص: 389 ] الحديث { أبا قتادة } ويجوز التخصيص مطلقا ( إلى أن يبقى واحد ) فقط من أفراد العام . قاله أكثر أصحابنا وغيرهم . ومنع فأحرموا كلهم إلا وغيره من أصحابنا ، المجد : من أقل الجمع ، وأبو بكر الرازي وغيره : إن كان لفظه جمعا ، والقفال وولد والقاضي وجمع : لا بد أن يبقى كثرة وإن لم تقدر ، المجد وابن حمدان وطائفة كثيرة : تقرب من مدلول اللفظ . وجوزه باستثناء وبدل إلى واحد ، وبمتصل وصفة ، ومنفصل في محصور قليل إلى اثنين ، وغير المحصور والعدد الكثير ، ابن الحاجب . وما في المتن هو الصحيح من مذهب الإمام كالمجد رحمه الله وأصحابه . قال أحمد ابن مفلح : يجوز عند أصحابنا . تخصيص العام إلى أن يبقى واحد
قال الحلواني : هو قول جماعة . وكذا قال ابن قاضي الجبل . قال ابن برهان : هو المذهب المنصوص . قال القاضي عبد الوهاب : هو قول والجمهور . وحكى مالك الجويني إجماع أهل السنة على ذلك في " من " و " ما " ونحوهما . واختاره . وحكاه أبو إسحاق الشيرازي أبو المعالي في التلخيص وغيره عن معظم أصحاب . واستدل للقول الصحيح بأنه لو امتنع التخصيص المذكور لكان الامتناع : إما لأنه مجاز ، أو لاستعماله في غير موضعه . واعترض على ذلك بأن المنع لعدم استعماله فيه لغة ، وجوابه بالمنع . ثم لا فرق . وأيضا : أكرم الناس إلا الجهال ، واعترض عليه بأنه خص بالاستثناء . وجوابه المعروف التسوية ، ثم لا فرق . واستدل بقوله تعالى { الشافعي الذين قال لهم الناس } وأريد به نعيم بن مسعود رد
ليس بعام ، لأنه المعهود . واستدل بقوله تعالى { وإنا له لحافظون } أجيب : أطلق الجمع عليه للتعظيم . ومحل النزاع في الإخراج منه . واستدل بجواز قوله : أكلت الخبز وشربت الماء ، لأقل شيء منهما رد ، المراد بعض مطابق لمعهود ذهني ، القائل بأقل الجمع ما سيق فيه رد ليس الجمع بعام ليطلق العام على ما يطلق عليه .
نحو جاءني القوم ( أو حكما ) نحو اشتريت العبد . قال ( ولا تخصيص إلا فيما له شمول حسا . ) العسقلاني : لا يستقيم التخصيص إلا بما فيه معنى الشمول ، ويصح توكيده بكل ، ليكون ذا أجزاء يصح اقترانهما إما حسا ك { اقتلوا المشركين } [ ص: 390 ] أو حكما . كاشتريت الجارية كلها ، لإمكان افتراق أجزائها . . قال : التخصيص والنسخ في الحقيقة إنما يتناول أفعالنا الواقعة في الأزمان والأعيان فقط . والفقهاء والمتكلمون تكلمون أكثروا القول بأن النسخ يتناول الأزمان فقط ، والتخصيص يتناول الجميع . وإنما يستعمله المحصلون تجوزا ( والمخصص ) هو ( المخرج ، وهو إرادة المتكلم ) الإخراج . ابن عقيل