( باب المطلق ) مأخوذ من مادة تدور على معنى الانفكاك من القيد ، فلذلك قلنا : هو ( ما تناول واحدا غير معين باعتبار حقيقة شاملة لجنسه ) فخرج بقولنا " ما تناول واحدا " ألفاظ الأعداد المتناولة لأكثر من واحد . وخرج ب " غير معين " المعارف كزيد ونحوه . وبباقي الحد : المشترك والواجب المخير ، فإن كلا منهما يتناول واحدا لا بعينه لا باعتبار حقائق مختلفة . وذلك مثل قوله تعالى { فتحرير رقبة } وقوله صلى الله عليه وسلم { } فكل واحد من لفظ " الرقبة " و " الولي " قد يتناول واحدا غير معين من جنس الرقاب والأولياء وفيه حدود غير [ ص: 421 ] ذلك ، قل أن يسلم منها حد لا نكاح إلا بولي وهو ( ما تناول معينا أو موصوفا بزائد ) أي بوصف زائد ( على حقيقة جنسه ) نحو " شهرين متتابعين و " رقبة مؤمنة وهذا الرجل . وتتفاوت مراتبه في تقييده باعتبار قلة القيود وكثرتها ، فما كثرت فيه قيوده كقوله تعالى { ( و ) يقابل المطلق ( المقيد ) عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات } الآية . أعلى رتبة مما قيوده أقل ( وقد يجتمعان ) أي الإطلاق والتقييد ( في لفظ ) واحد ( با ) عتبار ( الجهتين ) فيكون اللفظ مقيدا من وجه مطلقا من وجه آخر ، نحو قوله تعالى { رقبة مؤمنة } قيدت الرقبة من حيث الدين والإيمان فتتعين المؤمنة للكفارة ، وأطلقت من حيث ما سوى الإيمان من الأوصاف ، ككمال الخلقة والطول والبياض وأضدادها ونحو ذلك . فالآية مطلقة في كل رقبة مؤمنة وفي كل كفارة مجزئة . مقيدة بالنسبة إلى مطلق الرقاب ومطلق الكفارات . ثم اعلم أن الإطلاق والتقييد تارة يكونان في الأمر ، كأعتق رقبة وأعتق رقبة مؤمنة ، وتارة في الخبر ، كلا نكاح إلا بولي وشاهدين ، ولا نكاح إلا بولي رشيد وشاهدي عدل . قال الطوفي : وهما في الألفاظ مستعاران منهما في الأشخاص . يقال : رجل أو حيوان مطلق : إذا خلا عن قيد أو عقال ، ومقيد إذا كان في رجله قيد أو عقال أو شكال ونحوه من موانع الحيوان من الحركة الطبيعية الاختيارية . فإذا قلنا : أعتق رقبة فهذه الرقبة شائعة في جنسها شيوع الحيوان المطلق بحركته الاختيارية بين جنسه .
وإذا قلنا : أعتق رقبة مؤمنة ، كانت هذه الصفة لها كالقيد المميز للحيوان المقيد من بين أفراد جنسه ، ومانعة لها من الشيوع . كالقيد المانع للحيوان من الشيوع والحركة في جنسه . وهما أمران نسبيان باعتبار الطرفين ، فمطلق لا مطلق بعده كمعلوم ، ومقيد لا مقيد بعده كزيد . وبينهما وسائط . تكون من المقيد باعتبار ما قبل ، ومن المطلق باعتبار ما بعد ، كجسم وحيوان وإنسان . قال الهندي : : ما دل على الماهية فقط . والإضافي مختلف ( وهما ) أي المطلق والمقيد [ ص: 422 ] ( كعام وخاص ) فيما ذكر من تخصيص العموم من متفق عليه ومختلف فيه ومختار من الخلاف ، فيجوز فالمطلق الحقيقي ، تقييد الكتاب بالكتاب وبالسنة ، وتقييد السنة بالسنة وبالكتاب . ومفهوم الموافقة والمخالفة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره ، ومذهب الصحابي ونحو ذلك ، على الأصح في الجميع ( لكن ) بينهما فرق من وجوه . فمن ذلك وتقييد الكتاب والسنة بالقياس