، كثياب البذلة فيعترض ) عليه ( بالحلي المحرم . وجوابه ) أي جواب هذا الاعتراض إما ( بمنع وجود العلة في صورة النقض ) لأن النقض إنما يتحقق بوجود العلة [ ص: 555 ] وتخلف الحكم عنها . فإذا منع وجود العلة لم يتحقق النقض . وإنما تخلف الحكم في الصورة المذكورة لعدم علته ، فهو يدل على صحة علته عكسا ، وهو انتفاء الحكم لانتفائها ، كقوله : لا نسلم أن الحلي كثياب البذلة . ويبرهن على ذلك ( أو ) يكون جوابه ( بمنع وجود الحكم فيها ) أي في صورة النقض . فيقول : حكم ثياب البذلة مخالف لحكم الحلي ، ويبين الفرق بينهما ( و ) إذا منع المستدل وجود العلة في صورة النقض ، ف ( ليس للمعترض الدلالة على وجود العلة فيها ) أي في صورة النقض . وهذا الصحيح ، وعليه الأكثر . وذلك ; لأنها انتقال ، ويلزم منه أن يكون المعترض مستدلا ، فهو قلب لقاعدة المصطلح ; لكونه يبقى مستدلا والمستدل معترضا . الثالث عشر من القوادح ( النقض ك ) قول المستدل ( الحلي مال غير نام فلا زكاة فيه
وقال القاضي أبو يعلى : إلا أن يبين مذهب المانع . وقيل : له ذلك ويمكن ; لأن فيه تحقيقا لاعتراضه بالنقض . واختاره والقاضي أبو الطيب الشافعي الآمدي إن تعذر الاعتراض بغيره ، واختاره بعضهم إن لم يكن طريق أولى بالقدح من النقض ، تحقيقا لفائدة المناظرة ( و ) قال أهل الجدل وجمع منهم الآمدي ( لو دل المستدل على وجودها ) أي وجود العلة ( بدليل موجود في صورة النقض ) فنقض المعترض العلة ، فمنع المستدل وجود العلة في محل النقض ( فقال المعترض : ينتقض دليلك ) حينئذ ; لأنه موجود في محل النقض ، والعلة غير موجودة فيه على زعمك ( فقد انتقل ) المعترض ( من نقضها ) أي نقض العلة ( إلى نقض دليلها فلا يقبل ) ، ( ويكفي المستدل دليل يليق بأصله ) ومثلوا لذلك بقول الحنفي في مسألة تبييت النية : أتى بمسمى الصوم . فيصح كما في محل الوفاق . واستدل على وجود الصوم بأنه إمساك مع النية ، وهو موجود في محل النزاع ، فيقول المعترض تنتقض العلة بما إذا نوى بعد الزوال ، فيقول المستدل : لا نسلم وجود العلة فيما إذا نوى بعد الزوال ، فيقول المعترض : ينتقض دليلك الذي استدللت به على وجود العلة في محل التعليل . قال في مختصره : وفيه نظر ; لأن المعترض في معرض القدح في العلة ، فتارة يقدح فيها ، وتارة يقدح في دليلها ، والانتقال من القدح في العلة إلى القدح في دليلها جائز ، والانتقال الذي لا يكون جائزا : هو [ ص: 556 ] الانتقال من الاعتراض إلى الاستدلال ( ولو قال ) المعترض ( ابتداء : يلزمك انتقاض علتك ، أو ) انتقاض ( دليلها : قبل ) منه ذلك ; لأن هذا دعوى أحد أمرين فكأنه قال : يلزمك أحد أمرين : إما انتقاض علتك ، وإما انتقاض دليلها . وكيف كان فلا تثبت العلة كان مسموعا باتفاق . ابن الحاجب
قال الأصفهاني : أما إذا قال ابتداء : يلزمك إما انتقاض علتك ، أو انتقاض دليل علتك ; لأنك إن اعتقدت وجود العلة في محل النقض انتقضت علتك . وإن اعتقدت عدم العلة في محل النقض : انتقض دليلك . كان متجها مسموعا ( ولو منع المستدل تخلف الحكم في صورة النقض ) فعلى الأصح ( لم يمكن المعترض أن يدل عليه ) أي على تخلف الحكم في صورة النقض . وقيل : يمكن مطلقا ، وقيل : يمكن ما لم يكن له طريق أولى بالقدح من النقض . مثال ذلك : قول في مسألة الثيب الصغيرة : ثيب فلا تجبر ، كالثيب الكبيرة ، فيقول المعترض : ينتقض بالثيب المجنونة . فيقول المستدل : لا نسلم جواز إجبار الثيب المجنونة . وقال الشافعي ابن برهان : إن منع الحكم انقطع الناقض ، وإن منع الوصف فلا ينقطع فيدل عليه . وحكاه بعض أصحابنا عن أبي الخطاب ، وعلله في التمهيد بأنه بيان للنقض لا من جهة الدلالة عليه ، فجاز ( ويكفي المستدل ) في دفع النقض أن يقول ( لا أعرف الرواية فيها ) ذكره أصحابنا ، للشك في كونها من مذهبه ; إذ دليله صحيح . فلا يبطل بمشكوك فيه ( وإن قال ) المستدل ( أنا أحملها على مقتضى القياس ، وأقول فيها كمسألة الخلاف . منع ) ; لأنه إثبات مذهب بالقياس ( إلا إن نقل عن إمامه ) أي إمام المستدل ( أنه علل بها ، فيجريها ) على حكم تعليل إمامه ( وإن فسر المستدل لفظه بدافع ) أي بمعنى دافع ( للنقض غير ظاهره ) أي ظاهر اللفظ ( ك ) تفسير لفظ ( عام ب ) معنى ( خاص لم يقبل ) ذكره وابن عقيل القاضي ، وأبو الخطاب وابن عقيل وغيرهم ; لأنه يزيد وصفا لم يكن . والقاضي أبو الطيب الشافعي
وذكره للعلة وقت حاجته ، فلا يؤخر عنه ، بخلاف تأخير الشارع البيان عن وقت خطابه ، وظاهر كلام بعض أصحابنا : يقبل ( ولو أجاب ) [ ص: 557 ] المستدل ( بتسوية بين أصل وفرع لدفعه ) أي لأجل دفع النقض ( قبل ) عند أكثر أصحابنا والحنفية ، ومنعه الشافعية . وذكره عن المحققين ، وأجازه وابن عقيل إن جاز تخصيص العلة ; لأن الطرد ليس شرطا لعلة إذا . فإن قيل : من شرط القياس أن لا يستوي الأصل والفرع ، رد بأنه باطل . مثاله في أبو الخطاب : عضو يسقط في التيمم ، فمسح حائله كالقدم ، فينتقض بالرأس في الطهارة الكبرى ، فيجيبه : يستوي فيها الأصل والفرع . المسح على العمامة
ومثل ذلك : بائن معتدة فلزمها الإحداد ، كالمتوفى عنها زوجها ، فينتقض بالذمية والصغيرة ، فيجيبه بالتسوية ( ولا يلزم ) المستدل ( بما لا يقول به ) أي بشيء لا يعتقد صحته ( المعترض كمفهوم ، وقياس ، وقول ) أي مذهب ( صحابي ) ; لأنه احتج وأثبت الحكم بلا دليل ، ولاتفاقهما على تركه ; لأن أحدهما لا يراه دليلا . والآخر لما خالفه دل على دليل أقوى منه ( إلا النقض والكسر على قول من التزمهما ) ; لأن الناقض لم يحتج بالنقض ، ولا أثبت الحكم به ، ولاتفاقهما على فساد العلة على أصل المستدل بصورة الإلزام ، وعلى أصل المعترض بمحل النزاع . ذكره أصحابنا والشافعية وغيرهم ، وجوز بعضهم معارضته بعلة منتقضة على أصل المعترض . وقال : إن احتج بما لا يراه ، كحنفي بخبر واحد فيما تعم به البلوى . فقال : أنت لا تقول به ، فأجاب : أنت تقول به ، فيلزمك . فهذا قد استمر عليه أكثر الفقهاء ، قال ابن عقيل : وعندي لا يحسن مثل هذا ; لأنه إذا إنما هو مستدل صورة . ابن عقيل
قال : ومن نصر الأول قال : على هذا لا يحسن بنا أن نحتج على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتوراة والإنجيل المبدلين ، لكن نحتج به على أهل الكتاب لتصديقهم به . انتهى ( وإن نقض أحدهما ) أي المستدل والمعترض ( علة الآخر بأصل نفسه ) لم يجز عند أصحابنا والشافعية ( أو زاد المستدل وصفا معهودا معروفا في العلة لم يجز ) ذكره في التمهيد أبو الخطاب في الواضح قال وابن عقيل ابن مفلح : ويتوجه احتمال ، وفاقا لبعض الجدليين وبعض الشافعية ( وإن نقض ) المعترض دليل المستدل ( ب ) ناقض ( منسوخ ، أو ب ) حكم ( خاص به ) أي بالنبي ( صلى الله عليه وسلم أو ) نقضه ( برخصة ثابتة على خلاف مقتضى الدليل ، أو ) نقضه ( بموضع استحسان رد ) نقضه عند أصحابنا والشافعية ، إلا أن قال في نقض العلة بموضع الاستحسان : يحتمل وجهين . ومثله بما إذا سوى بين العمد والسهو فيما يبطل العبادة ، فينتقض بأكل الصائم سهوا . وفي الواضح أبا الخطاب عن أصحابنا والشافعية لا نقض بموضع استحسان . لابن عقيل
ومثل بهذا ثم قال : يقول المعترض : النص دل على انتقاضه ، فيكون آكد للنقض ، وعند الشيخ تقي الدين : تنتقض المستنبطة إن لم يبين مانعا ، كالنقض بالعرايا في الربا ، وإيجاب الدية على العاقلة ; لاقتضاء المصلحة الخاصة ذلك ، أو لدفع مفسدة آكد ، كحل الميتة للمضطر إذا نقض بها علة تحريم النجاسة ( ويجب أن يحترز المستدل في دليله عن النقض ) اختاره في الواضح ، ابن عقيل في الروضة ، والموفق والطوفي في مختصره وأبو محمد البغدادي ، وذكره عن معظم الجدليين ، لقربه من الضبط ، ودفع انتشار الكلام وسد بابه فكان واجبا لما فيه من صيانة الكلام عن التبديل .
وقيل : لا يجب مطلقا ، وقيل : يجب إلا في نقض وطرد بطريق الاستثناء ، وهي ما يرد على كل علة ( وإن احترز عنه ) أي عن النقض ( بشرط ذكره في الحكم ) نحو : حران مكلفان محقونا الدم ، فيجب القود بينهما كالمسلمين ( صح ) ذلك في الأصح ; لأن الشرط المتأخر متقدم في المعنى كتقديم المفعول على الفاعل . واختاره ، وقيل : لا يصح ; لاعترافه بالنقض ، فإن الحكم يتخلف عن الأوصاف في الخطإ ( وإن احترز ) المستدل ( بحذف الحكم لم يصح ) قاله أبو الخطاب . كقول حنفي في الإحداد على المطلقة : بائن كالمتوفى عنها زوجها . فينتقض بصغيرة وذمية . فيقول : قصدت التسوية بينهما . فيقال : التسوية بينهما حكم ، فيحتاج إلى أصل يقاس عليه . أبو الخطاب