: أن فرض العين ما تكررت مصلحته بتكرره ، كالصلوات الخمس وغيرها . والفرق بين فرض العين وفرض الكفاية
فإن مصلحتها الخضوع لله وتعظيمه ومناجاته والتذلل والمثول بين يديه . وهذه [ ص: 117 ] الآداب تكرر كلما كررت الصلاة . وفرض الكفاية : ما لا تتكرر مصلحته بتكرره .
كإنجاء الغريق وغسل الميت ودفنه ونحوها ، فهما متباينان تباين النوعين ( وهما ) أي فرض الكفاية ، وسنة الكفاية ( مهم ) أي . أمر يهتم به ( يقصد ) من قبل الشرع ( حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله ) فدخل في ذلك نحو الحرف والصناعات ، وقوله " من غير نظر - إلخ " مخرج لفرض العين وسنة العين ، لأن ما من فعل يتعلق به الحكم إلا وينظر فيه الفاعل ، حتى يثاب على واجبه ومندوبه ، ويعاقب على ترك الواجب إن لم يعف عنه . وإنما يفترقان في كون المطلوب عينا يختبر به الفاعل ويمتحن ، ليثاب أو يعاقب .
والمطلوب على الكفاية يقصد حصوله قصدا ذاتيا ، وقصد الفاعل فيه تبع لا ذاتي عند الجمهور . قال الإمام ( وفرض الكفاية ) واجب ( على الجميع ) رضي الله عنه : الغزو واجب على الناس كلهم ، فإذا غزا بعضهم أجزأ عنهم . وقال الإمام أحمد رضي الله عنه في الأم : حق على الناس غسل الميت ، والصلاة عليه ودفنه ، لا يسع عامتهم تركه . وإذا قام به من فيه كفاية أجزأ عنهم إن شاء الله تعالى الشافعي رخصة وتخفيفا ، لحصول المقصود ( ويجب ) عينا ( على من ظن أن غيره لا يقوم به ) أي بفرض الكفاية ، لأن الظن مناط التعبد ( وإن فعله ) أي فعل المطلوب حصوله ( الجميع معا ) أي غير مرتب ( كان فرضا ) في حق الجميع لعدم ما يقتضي تمييز بعضهم ( وفرض العين أفضل ) من فرض الكفاية ، لأن فرض العين أهم ، ولأجل ذلك وجب على الأعيان . وهذا قول الأكثر . وقيل عكسه . ( ويسقط الطلب الجازم والإثم ) في فرض الكفاية ( بفعل من يكفي )
( ولا فرق بينهما ) أي بين فرض العين وفرض الكفاية ( ابتداء ) قاله وغيره . وإنما يفترقان في ثاني الحال ، وهو فرق حكمي ( ويلزمان ) أي فرض العين وفرض الكفاية ( بشروع مطلقا ) أي سواء كان فرض الكفاية جهادا ، أو صلاة على جنازة ، أو غيرهما . قال في شرح التحرير : في الأظهر . ويؤخذ لزومه بالشروع من مسألة حفظ القرآن . فإنه فرض كفاية إجماعا ، فإذا حفظه إنسان وأخر تلاوته من غير عذر حتى نسيه ، فإنه يحرم على الصحيح من المذهب . قال الإمام [ ص: 118 ] الموفق رضي الله تعالى عنه : ما أشد ما جاء فيمن حفظه ثم نسيه . وفيه وجه يكره . أحمد