[ كيف يجزى الجاني على العرض ؟ ]
المسألة الثالثة : ، فإن كان حراما في نفسه كالكذب عليه وقذفه وسب والديه فليس له أن يفعل به كما فعل به اتفاقا ، وإن سبه في نفسه ، أو سخر به ، أو هزأ به ، أو بال عليه ، أو بصق عليه ، أو دعا عليه فله أن يفعل به نظير ما فعل به متحريا للعدل ، وكذلك إذا كسعه ، أو صفعه فله أن يستوفي منه نظير ما فعل به سواء ، وهذا أقرب إلى الكتاب والميزان وآثار الصحابة من التعزير المخالف للجناية جنسا ونوعا وقدرا وصفة ، وقد دلت السنة الصحيحة الصريحة على ذلك ، فلا عبرة بخلاف من خالفها ، ففي صحيح الجناية على العرض : { البخاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمه في شأن زينب بنت جحش ، فأتته فأغلظت ، وقالت : إن نساءك ينشدنك العدل في عائشة بنت ابن أبي قحافة ، فرفعت صوتها حتى تناولت وهي قاعدة ، فسبتها ، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عائشة هل تتكلم ، فتكلمت عائشة ترد على عائشة زينب حتى أسكتتها ، قالت : فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقال : إنها عائشة بنت أبي بكر } وفي الصحيحين هذه القصة ، { أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم أرسلن : فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وهي التي كانت تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - فذكرت الحديث ، وقالت : ثم وقعت في ، فاستطالت علي ، وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرقب طرفه : هل يأذن لي فيها ؟ قالت : فلم تبرح زينب بنت جحش زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر ، فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أثخنت عليها ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم : إنها ابنة أبي بكر } ، وفي لفظ فيهما { قالت } . لم أنشبها أن أثخنتها غلبة
وقد حكى الله - سبحانه - عن يوسف الصديق أنه قال لإخوته : { أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون } : ] لما قالوا : { إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم } ذلك للمصلحة التي اقتضت كتمان الحال ، ومن تأمل الأحاديث رأى ذلك فيها كثيرا جدا ، وبالله التوفيق .