[ ص: 251 ] نصاب المعشرات ]
المثال السابع والثلاثون : من قوله : { رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في تقدير نصاب المعشرات بخمسة أوسق بالمتشابه } . فيما سقت السماء العشر ، وما سقي بنضح أو غرب فنصف العشر
قالوا : وهذا يعم القليل والكثير ، وقد عارضه الخاص ، ودلالة العام قطعية كالخاص ، وإذا تعارضتا قدم الأحوط وهو الوجوب ; فيقال : يجب العمل بكلا الحديثين ، ولا يجوز معارضة أحدهما بالآخر وإلغاء أحدهما بالكلية ; فإن طاعة الرسول فرض في هذا وفي هذا .
ولا تعارض بينهما بحمد الله بوجه من الوجوه ; فإن قوله : { } إنما أريد به التمييز بين ما يجب فيه العشر وما يجب فيه نصفه ، فذكر النوعين مفرقا بينهما في مقدار الواجب ، وأما مقدار النصاب فسكت عنه في هذا الحديث ، وبينه نصا في الحديث الآخر ، فكيف يجوز العدول عن النص الصحيح المحكم الذي لا يحتمل غير ما دل عليه ألبتة إلى المجمل المتشابه الذي غايته أن يتعلق فيه بعموم لم يقصد . فيما سقت السماء العشر
وبيانه بالخاص المحكم المبين كبيان سائر العمومات بما يخصها من النصوص ؟ ويالله العجب ، كيف يخصون عموم القرآن والسنة بالقياس الذي أحسن أحواله أن يكون مختلفا في الاحتجاج به وهو محل اشتباه واضطراب ؟ إذ ما من قياس إلا وتمكن معارضته بقياس مثله أو دونه أو أقوى منه ، بخلاف السنة الصحيحة الصريحة فإنها لا يعارضها إلا سنة ناسخة معلومة التأخر والمخالفة ، ثم يقال : إذا خصصتم عموم قوله : { } بالقصب والحشيش ولا ذكر لهما في النص فهلا خصصتموه بقوله : { فيما سقت السماء العشر } . لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق
وإذا كنتم تخصون العموم بالقياس فهلا خصصتم هذا العام بالقياس الجلي الذي هو من أجلى القياس وأصحه على سائر أنواع المال الذي تجب فيه الزكاة ؟ فإن الزكاة الخاصة لم يشرعها الله ورسوله في مال إلا وجعل له نصابا كالمواشي والذهب والفضة ؟
ويقال أيضا : فهلا أوجبتم الزكاة في قليل كل مال وكثيره عملا بقوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } وبقوله صلى الله عليه وسلم : { } وبقوله : { ما من صاحب إبل ولا بقر لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر } وهلا كان هذا العموم عندكم مقدما على أحاديث النصب الخاصة ؟ وهلا قلتم : هناك تعارض مسقط وموجب فقدمنا الموجب احتياطا ؟ وهذا في غاية الوضوح ، وبالله التوفيق . ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا صفحت له يوم القيامة صفائح من نار