فصل
ومنها قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد } .
nindex.php?page=treesubj&link=28450فشبه تعالى أعمال الكفار في بطلانها وعدم الانتفاع بها برماد مرت عليه ريح شديدة في يوم عاصف ; فشبه سبحانه أعمالهم في حبوطها وذهابها باطلا كالهباء المنثور لكونها على غير أساس من الإيمان والإحسان وكونها لغير الله عز وجل وعلى غير أمره برماد طيرته الريح العاصف فلا يقدر صاحبه على شيء منه وقت شدة حاجته إليه ; فلذلك قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18لا يقدرون مما كسبوا على شيء } لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء ، فلا يرون له أثرا من ثواب ولا فائدة نافعة ، فإن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ، موافقا لشرعه ، والأعمال أربعة ، فواحد مقبول وثلاثه مردودة ; فالمقبول الخالص الصواب ، فالخالص أن يكون لله لا لغيره ، والصواب أن يكون مما شرعه الله على لسان رسوله ، والثلاثة المردودة ما خالف ذلك .
وفي تشبيهها بالرماد سر بديع ، وذلك للتشابه الذي بين أعمالهم وبين الرماد في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا ، فكانت الأعمال التي لغير الله وعلى غير مراده طعمة
[ ص: 132 ] للنار ، وبها تسعر النار على أصحابها ، وينشئ الله سبحانه لهم من أعمالهم الباطلة نارا وعذابا ، كما ينشئ لأهل الأعمال الموافقة لأمره ونهيه التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيما وروحا ، فأثرت النار في أعمال أولئك حتى جعلتها رمادا ، فهم وأعمالهم وما يعبدون من دون الله وقود النار .
فَصْلٌ
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ } .
nindex.php?page=treesubj&link=28450فَشَبَّهَ تَعَالَى أَعْمَالَ الْكُفَّارِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِرَمَادٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ; فَشَبَّهَ سُبْحَانَهُ أَعْمَالَهُمْ فِي حُبُوطِهَا وَذَهَابِهَا بَاطِلًا كَالْهَبَاءِ الْمَنْثُورِ لِكَوْنِهَا عَلَى غَيْرِ أَسَاس مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ وَكَوْنِهَا لِغَيْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى غَيْرِ أَمْرِهِ بِرَمَادٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ الْعَاصِفُ فَلَا يَقْدِرُ صَاحِبُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ وَقْتَ شِدَّةِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ ; فَلِذَلِكَ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=18لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ } لَا يَقْدِرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِمَّا كَسَبُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَلَى شَيْءٍ ، فَلَا يَرَوْنَ لَهُ أَثَرًا مِنْ ثَوَابٍ وَلَا فَائِدَةٍ نَافِعَةٍ ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لِوَجْهِهِ ، مُوَافِقًا لِشَرْعِهِ ، وَالْأَعْمَالُ أَرْبَعَةٌ ، فَوَاحِدٌ مَقْبُولٌ وَثَلَاثُهُ مَرْدُودَةٌ ; فَالْمَقْبُولُ الْخَالِصُ الصَّوَابُ ، فَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا شَرَعَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَالثَّلَاثَةُ الْمَرْدُودَةُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ .
وَفِي تَشْبِيهِهَا بِالرَّمَادِ سِرٌّ بَدِيعٌ ، وَذَلِكَ لِلتَّشَابُهِ الَّذِي بَيْنَ أَعْمَالِهِمْ وَبَيْنَ الرَّمَادِ فِي إحْرَاقِ النَّارِ وَإِذْهَابِهَا لِأَصْلِ هَذَا وَهَذَا ، فَكَانَتْ الْأَعْمَالُ الَّتِي لِغَيْرِ اللَّهِ وَعَلَى غَيْرِ مُرَادِهِ طُعْمَةً
[ ص: 132 ] لِلنَّارِ ، وَبِهَا تُسْعَرُ النَّارُ عَلَى أَصْحَابِهَا ، وَيُنْشِئُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الْبَاطِلَةِ نَارًا وَعَذَابًا ، كَمَا يُنْشِئُ لِأَهْلِ الْأَعْمَالِ الْمُوَافِقَةِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ الَّتِي هِيَ خَالِصَةٌ لِوَجْهِهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ نَعِيمًا وَرُوحًا ، فَأَثَّرَتْ النَّارُ فِي أَعْمَالِ أُولَئِكَ حَتَّى جَعَلَتْهَا رَمَادًا ، فَهُمْ وَأَعْمَالُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وُقُودُ النَّارِ .