[ الإحالة بالدين وخوف هلاك المحال به ]
المثال الخامس بعد المائة : ، فله ثلاث حيل . إذا أحاله بدينه على رجل فخاف أن يتوى ماله على المحال عليه ، فلا يتمكن من الرجوع على المحيل ; لأن الحوالة تحول الحق وتنقله
إحداها : أن يقول : أنا لا أحتال ، ولكن أكون وكيلا لك في قبضه ، فإذا قبضه فإن استنفقه ثبت له ذلك في ذمة الوكيل ، وله في ذمة الموكل نظيره فيتقاصان ، فإن خاف الموكل أن يدعي الوكيل ضياع المال من غير تفريط فيعود يطالبه بحقه فالحيلة له أن يأخذ إقراره بأنه متى ثبت قبضه منه فلا شيء له على الموكل ، وما يدعي عليه بسبب هذا الحق أو من جهته فدعواه باطلة ، وليس هذا إبراء معلقا بشرط حتى يتوصل إلى إبطاله ، بل هو إقرار بأنه لا يستحق عليه شيئا في هذه الحالة .
الحيلة الثانية : أن يشترط عليه أنه إن توى المال رجع عليه ، ويصح هذا الشرط على قياس المذهب ; فإن المحتال إنما قبل الحوالة على هذا الشرط ، فلا يجوز أن يلزم بها بدون الشرط ، كما لو قبل عقد البيع بشرط الرهن أو الضمين أو التأجيل أو الخيار ، أو قبل عقد الإجارة بشرط الضمين للأجرة أو تأجيلها ، أو قبل عقد النكاح بشرط تأجيل الصداق ، أو قبل عقد الضمان بشرط تأجيل الدين الحال على المضمون عنه ، أو قبل عقد الكفالة [ ص: 31 ] بشرط أن لا يلزمه من المال الذي عليه شيء ، أو قبل عقد الحوالة بشرط ملاءة المحال عليه وكونه غير محجور ، ولا مماطل ، وأضعاف أضعاف ذلك من الشروط التي لا تحل حراما ، ولا تحرم حلالا ، فإنها جائز اشتراطها لازم الوفاء بها كما تقدم تقريره نصا وقياسا .
وقد صرح أصحاب بصحة هذا الشرط في الحوالة ، فقالوا ، واللفظ أبي حنيفة للخصاف : يجوز أن يحتال الطالب بالمال على غريم المطلوب على أن هذا الغريم إن لم يوف الطالب هذا المال إلى كذا وكذا فالمطلوب ضامن لهذا المال على حاله ، وللطالب أخذه بذلك ، وتقع الحوالة على هذا الشرط ، فإن وفاه الغريم إلى الأجل الذي يشترطه ، وإلا رجع إلى المطلوب ، وأخذه بالمال ، ثم حكى عن شيخه قال : قلت : وهذا جائز ؟ قال : نعم .
الحيلة الثالثة : أن يقول طالب الحق للمحال عليه : اضمن لي هذا الدين الذي على غريمي ، ويرضى منه بذلك بدل الحوالة ، فإذا ضمنه تمكن من مطالبة أيهما شاء ، وهذه من أحسن الحيل ، وألطفها .