[ ] سؤال القبر والتثبيت فيه
وقد جاء هذا مبينا في أحاديث صحاح ; فمنها ما في المسند من حديث عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة قال : { أبي سعيد ، فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال : ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن الأمة تبتلى في قبورها محمدا عبده ورسوله ، فيقول له : صدقت ، فيفتح له باب إلى النار فيقال له : هذا [ ص: 137 ] منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذ آمنت فإن الله أبدلك به هذا ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيريد أن ينهض له ، فيقال له : اسكن ، ثم يفسح له في قبره ، وأما الكافر والمنافق فيقال له : ما تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري ، فيقال له : لا دريت ولا اهتديت ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت فإن الله أبدلك به هذا ، ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين ، قال بعض أصحابه : يا رسول الله ، ما منا من أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا هبل عند ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء } } . وفي المسند نحوه من حديث كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة ، فقال : يا أيها الناس إن هذه البراء بن عازب
، وروى عن المنهال بن عمرو عن زاذان قال : { البراء محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : فينتهره فيقول : ما ربك ؟ وما دينك ؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حيث يقول الله : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } . فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، فيقال له : صدقت } وهذا حديث صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر قبض روح المؤمن فقال : يأتيه آت ، يعني في قبره ، فيقول : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي
; وقال عن حماد بن سلمة محمد بن عمرو عن عن أبي سلمة قال : { أبي هريرة يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين } قال : إذا قيل له في القبر : من ربك ؟ وما دينك ؟ فيقول ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، جاءنا بالبينات من عند الله فآمنت به وصدقت ، فيقال له : صدقت ، على هذا عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
وقال عن الأعمش ، وعن المنهال بن عمرو عن زاذان قال : { البراء بن عازب محمد رسول الله ، فيقولان له : وما يدريك ؟ قال : فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت ، فذلك قول الله تبارك وتعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } } . ورواه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وذكر قبض روح المؤمن ، قال : فترجع روحه في جسده ، ويبعث إليه ملكان شديدا الانتهار ، فيجلسانه وينتهرانه ويقولان : من ربك ؟ فيقول : الله ، وما دينك : فيقول : الإسلام ، فيقولان له : ما هذا الرجل أو النبي الذي بعث فيكم ؟ فيقول : في صحيحه ، والإمام ابن حبان وفي صحيحه أيضا من حديث أحمد يرفعه قال : { أبي هريرة أمحمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال : نعم ، فيقول : أشهد أنه رسول الله ، وأنه جاء بالبينات من عند الله فصدقناه ، فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ، ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، وينور له فيه ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له : انظر إلى ما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم تجعل نسمته في النسم الطيب ، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ، ويعاد الجسد إلى ما بدأ منه من التراب . وذلك قول الله تعالى : { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } } ولا تستطيل هذا الفصل المعترض في المفتي والشاهد والحاكم ، بل وكل مسلم أشد ضرورة إليه من الطعام والشراب والنفس ، وبالله التوفيق إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه مدبرين ، فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، وكان الصيام عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس [ ص: 138 ] عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل ، فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل ، فيؤتى عن يساره فيقول الصيام : ما قبلي مدخل ، فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما قبلي مدخل ، فيقال له : اجلس ، فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت للغروب فيقول له : أخبرنا عن ما نسألك عنه ، فيقول : دعوني حتى أصلي ، فيقال : إنك ستفعل ، فأخبرنا عما نسألك ، فيقول : وعم تسألوني ؟ فيقال له : أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ، ماذا تقول فيه ؟ وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول :