[ ] الفائدة الخمسون : إذا ترجح عند المفتي مذهب غير مذهب إمامه ، فهل يفتي به ؟ ؟ فإن كان سالكا سبيل ذلك الإمام في الاجتهاد ومتابعة الدليل أين كان - وهذا هو المتبع للإمام حقيقة - فله أن يفتي بما ترجح عنده من قول غيره ، وإن كان مجتهدا [ ص: 183 ] متقيدا بأقوال ذلك الإمام لا يعدوها إلى غيرها فقد قيل : ليس له أن يفتي بغير قول إمامه ; فإن أراد ذلك حكاه عن قائله حكاية محضة . ( هل للمفتي المنتسب إلى مذهب إمام بعينه أن يفتي بمذهب غيره إذا ترجح عنده )
والصواب أنه إذا ترجح عنده قول غير إمامه بدليل راجح فلا بد أن يخرج على أصول إمامه وقواعده ; فإن الأئمة متفقة على أصول الأحكام ، ومتى قال بعضهم قولا مرجوحا فأصوله ترده وتقتضي القول الراجح ، فكل قول صحيح فهو يخرج على قواعد الأئمة بلا ريب ; فإذا تبين لهذا المجتهد المقيد رجحان هذا القول وصحة مأخذه خرج على قواعد إمامه فله أن يفتي به ، وبالله التوفيق .
وقد قال : لو أدى اجتهادي إلى مذهب القفال قلت : مذهب أبي حنيفة كذا ، لكني أقول بمذهب الشافعي ; لأن السائل إنما يسألني عن مذهب أبي حنيفة ; فلا بد أن أعرفه أن الذي أفتيته به غير مذهبه ، فسألت الشافعي شيخنا قدس الله روحه عن ذلك ، فقال : أكثر المستفتين لا يخطر بقلبه مذهب معين عند الواقعة التي سأل عنها ، وإنما سؤاله عن حكمها وما يعمل به فيها ، فلا يسع المفتي أن يفتيه بما يعتقد الصواب في خلافه .