فصل .
ومنها قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين } فاشتملت هذه الآيات على ثلاثة أمثال : مثل للكفار ، ومثلين للمؤمنين ، فتضمن
nindex.php?page=treesubj&link=28675مثل الكفار أن الكافر يعاقب على كفره وعداوته لله ورسوله وأوليائه ، ولا ينفعه مع كفره ما كان بينه وبين المؤمنين من لحمة نسب أو صلة صهر أو سبب من أسباب الاتصال .
فإن الأسباب كلها تنقطع يوم القيامة إلا ما كان منها متصلا بالله وحده على أيدي رسله ، فلو نفعت وصلة القرابة والمصاهرة أو النكاح مع عدم الإيمان لنفعت الوصلة التي كانت بين
لوط ونوح وامرأتيهما ، فلما لم يغنيا عنهما من الله شيئا {
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10قيل ادخلا النار مع الداخلين } قطعت الآية حينئذ طمع من ركب معصية الله وخالف أمره ، ورجا أن ينفعه صلاح غيره من قريب أو أجنبي ، ولو كان بينهما في الدنيا أشد الاتصال ، فلا اتصال فوق اتصال البنوة والأبوة والزوجية ، ولم يغن
نوح عن ابنه ، ولا
إبراهيم عن أبيه ، ولا
نوح ولا
لوط عن امرأتيهما من الله شيئا ، قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=19يوم لا تملك نفس لنفس شيئا } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=33واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق } وهذا كله تكذيب لأطماع المشركين الباطلة أن من تعلقوا به من دون الله من قرابة أو صهر أو نكاح أو صحبة ينفعهم يوم القيامة ، أو يجيرهم من عذاب الله ، أو
[ ص: 145 ] هو يشفع لهم عند الله ، وهذا أصل ضلال بني
آدم وشركهم ، وهو الشرك الذي لا يغفره الله ، وهو الذي بعث الله جميع رسله وأنزل جميع كتبه بإبطاله ، ومحاربة أهله ومعاداتهم .
فصل .
وأما المثلان اللذان للمؤمنين فأحدهما
امرأة فرعون ، ووجه المثل أن
nindex.php?page=treesubj&link=28450اتصال المؤمن بالكافر لا يضره شيئا إذا فارقه في كفره وعمله ، فمعصية الغير لا تضر المؤمن المطيع شيئا في الآخرة ، وإن تضرر بها في الدنيا بسبب العقوبة التي تحل بأهل الأرض إذا أضاعوا أمر الله فتأتي عامة ، فلم يضر
امرأة فرعون اتصالها به وهو من أكفر الكافرين ، ولم ينفع امرأة
نوح ولوط اتصالهما بهما وهما رسولا رب العالمين .
المثل الثاني للمؤمنين
مريم التي لا زوج لها ، لا مؤمن ولا كافر ، فذكر ثلاثة أصناف من النساء : المرأة الكافرة التي لها وصلة بالرجل الصالح والمرأة الصالحة التي لها وصلة بالرجل الكافر ، والمرأة العزب التي لا وصلة بينها وبين أحد : فالأولى لا تنفعها وصلتها وسببها ، والثانية لا تضرها وصلتها وسببها ، والثالثة لا يضرها عدم الوصلة شيئا .
ثم في هذه الأمثال من الأسرار البديعة ما يناسب سياق السورة ; فإنها سيقت في ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، والتحذير من تظاهرهن عليه ، وأنهن إن لم يطعن الله ورسوله ويردن الدار الآخرة لم ينفعهن اتصالهن برسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم ينفع امرأة
نوح ولوط اتصالهما بهما ، ولهذا إنما ضرب في هذه السورة مثل اتصال النكاح دون القرابة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام : ضرب الله المثل الأول يحذر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وحفصة ، ثم ضرب لهما المثل الثاني يحرضهما على التمسك بالطاعة .
وفي ضرب المثل للمؤمنين
بمريم أيضا اعتبار آخر وهو أنها لم يضرها عند الله شيئا قذف أعداء الله
اليهود لها ، ونسبتهم إياها وابنها إلى ما برأهما الله عنه ، مع كونها الصديقة الكبرى المصطفاة على نساء العالمين ; فلا يضر الرجل الصالح قدح الفجار والفساق فيه .
وفي هذا تسلية
nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة أم المؤمنين إن كانت السورة نزلت بعد قصة الإفك ، وتوطين نفسها على ما قال فيها الكاذبون إن كانت قبلها ، كما في ذكر التمثيل بامرأة
نوح ولوط تحذير لها
ولحفصة مما اعتمدتاه في حق النبي صلى الله عليه وسلم ; فتضمنت هذه الأمثال التحذير لهن والتخويف ، والتحريض لهن على الطاعة والتوحيد ، والتسلية وتوطين النفس لمن أوذي منهن وكذب عليه ، وأسرار التنزيل فوق هذا وأجل منه ، ولا سيما أسرار الأمثال التي لا يعقلها إلا العالمون .
[ ص: 146 ]
قالوا : فهذا بعض ما اشتمل عليه القرآن من التمثيل والقياس والجمع والفرق ، واعتبار العلل والمعاني وارتباطها بأحكامها تأثيرا واستدلالا
فَصْلٌ .
وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ اُدْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَك بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ } فَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْثَالٍ : مَثَلٌ لِلْكُفَّارِ ، وَمِثْلَيْنِ لِلْمُؤْمِنِينَ ، فَتَضَمَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=28675مَثَلُ الْكُفَّارِ أَنَّ الْكَافِرَ يُعَاقَبُ عَلَى كُفْرِهِ وَعَدَاوَتِهِ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَوْلِيَائِهِ ، وَلَا يَنْفَعُهُ مَعَ كُفْرِهِ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ لُحْمَةِ نَسَبٍ أَوْ صِلَةِ صِهْرٍ أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الِاتِّصَالِ .
فَإِنَّ الْأَسْبَابَ كُلَّهَا تَنْقَطِعُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْهَا مُتَّصِلًا بِاَللَّهِ وَحْدَهُ عَلَى أَيْدِي رُسُلِهِ ، فَلَوْ نَفَعَتْ وَصْلَةُ الْقَرَابَةِ وَالْمُصَاهَرَةِ أَوْ النِّكَاحِ مَعَ عَدَمِ الْإِيمَانِ لَنَفَعَتْ الْوَصْلَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ
لُوطٍ وَنُوحٍ وَامْرَأَتَيْهِمَا ، فَلَمَّا لَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا {
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=10قِيلَ اُدْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ } قَطَعَتْ الْآيَةُ حِينَئِذٍ طَمَعَ مَنْ رَكِبَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَخَالَفَ أَمْرَهُ ، وَرَجَا أَنْ يَنْفَعَهُ صَلَاحُ غَيْرِهِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فِي الدُّنْيَا أَشَدَّ الِاتِّصَالِ ، فَلَا اتِّصَالَ فَوْقَ اتِّصَالِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَالزَّوْجِيَّةِ ، وَلَمْ يُغْنِ
نُوحٌ عَنْ ابْنِهِ ، وَلَا
إبْرَاهِيمُ عَنْ أَبِيهِ ، وَلَا
نُوحٌ وَلَا
لُوطٌ عَنْ امْرَأَتَيْهِمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=3لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=19يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=33وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ } وَهَذَا كُلُّهُ تَكْذِيبٌ لِأَطْمَاعِ الْمُشْرِكِينَ الْبَاطِلَةِ أَنَّ مَنْ تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُحْبَةٍ يَنْفَعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَوْ يُجِيرُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، أَوْ
[ ص: 145 ] هُوَ يَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ، وَهَذَا أَصْلُ ضَلَالِ بَنِي
آدَمَ وَشِرْكِهِمْ ، وَهُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ جَمِيعَ رُسُلِهِ وَأَنْزَلَ جَمِيعَ كُتُبِهِ بِإِبْطَالِهِ ، وَمُحَارَبَةِ أَهْلِهِ وَمُعَادَاتِهِمْ .
فَصْلٌ .
وَأَمَّا الْمَثَلَانِ اللَّذَانِ لِلْمُؤْمِنِينَ فَأَحَدُهُمَا
امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَوَجْهُ الْمَثَلِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28450اتِّصَالَ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ لَا يَضُرُّهُ شَيْئًا إذَا فَارَقَهُ فِي كُفْرِهِ وَعَمَلِهِ ، فَمَعْصِيَةُ الْغَيْرِ لَا تَضُرُّ الْمُؤْمِنَ الْمُطِيعَ شَيْئًا فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهَا فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِ الْعُقُوبَةِ الَّتِي تَحِلُّ بِأَهْلِ الْأَرْضِ إذَا أَضَاعُوا أَمْرَ اللَّهِ فَتَأْتِي عَامَّةً ، فَلَمْ يَضُرَّ
امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ اتِّصَالُهَا بِهِ وَهُوَ مِنْ أَكْفَرِ الْكَافِرِينَ ، وَلَمْ يَنْفَعْ امْرَأَةَ
نُوحٍ وَلُوطٍ اتِّصَالُهُمَا بِهِمَا وَهُمَا رَسُولَا رَبِّ الْعَالَمِينَ .
الْمَثَلُ الثَّانِي لِلْمُؤْمِنِينَ
مَرْيَمَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا ، لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ ، فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ مِنْ النِّسَاءِ : الْمَرْأَةَ الْكَافِرَةَ الَّتِي لَهَا وَصْلَةٌ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَالْمَرْأَةَ الصَّالِحَةَ الَّتِي لَهَا وَصْلَةٌ بِالرَّجُلِ الْكَافِرِ ، وَالْمَرْأَةَ الْعَزَبَ الَّتِي لَا وَصْلَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَحَدٍ : فَالْأَوْلَى لَا تَنْفَعُهَا وَصْلَتُهَا وَسَبَبُهَا ، وَالثَّانِيَةُ لَا تَضُرُّهَا وَصْلَتُهَا وَسَبَبُهَا ، وَالثَّالِثَةُ لَا يَضُرُّهَا عَدَمُ الْوَصْلَةِ شَيْئًا .
ثُمَّ فِي هَذِهِ الْأَمْثَالِ مِنْ الْأَسْرَارِ الْبَدِيعَةِ مَا يُنَاسِبُ سِيَاقَ السُّورَةِ ; فَإِنَّهَا سِيقَتْ فِي ذِكْرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ تَظَاهُرِهِنَّ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُنَّ إنْ لَمْ يُطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُرِدْنَ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَمْ يَنْفَعْهُنَّ اتِّصَالُهُنَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا لَمْ يَنْفَعْ امْرَأَة
نُوحٍ وَلُوط اتِّصَالهمَا بِهِمَا ، وَلِهَذَا إنَّمَا ضَرْب فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَثَلَ اتِّصَالَ النِّكَاحِ دُونَ الْقَرَابَةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17317يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ : ضَرَبَ اللَّهُ الْمَثَلَ الْأَوَّلَ يُحَذِّرُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُمَا الْمَثَلَ الثَّانِيَ يُحَرِّضُهُمَا عَلَى التَّمَسُّكِ بِالطَّاعَةِ .
وَفِي ضَرْبِ الْمَثَلِ لِلْمُؤْمِنِينَ
بِمَرْيَمَ أَيْضًا اعْتِبَارٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهَا لَمْ يَضُرَّهَا عِنْدَ اللَّهِ شَيْئًا قَذْفُ أَعْدَاءِ اللَّهِ
الْيَهُودَ لَهَا ، وَنِسْبَتُهُمْ إيَّاهَا وَابْنَهَا إلَى مَا بَرَّأَهُمَا اللَّهُ عَنْهُ ، مَعَ كَوْنِهَا الصِّدِّيقَةُ الْكُبْرَى الْمُصْطَفَاةُ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ; فَلَا يَضُرُّ الرَّجُلُ الصَّالِحُ قَدْحُ الْفُجَّارِ وَالْفُسَّاقِ فِيهِ .
وَفِي هَذَا تَسْلِيَةٌ
nindex.php?page=showalam&ids=25لِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إنْ كَانَتْ السُّورَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ قِصَّةِ الْإِفْكِ ، وَتَوْطِينِ نَفْسِهَا عَلَى مَا قَالَ فِيهَا الْكَاذِبُونَ إنْ كَانَتْ قَبْلَهَا ، كَمَا فِي ذِكْرِ التَّمْثِيلِ بِامْرَأَةِ
نُوحٍ وَلُوطٍ تَحْذِيرٌ لَهَا
وَلِحَفْصَةَ مِمَّا اعْتَمَدَتَاهُ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْأَمْثَالُ التَّحْذِيرَ لَهُنَّ وَالتَّخْوِيفَ ، وَالتَّحْرِيضَ لَهُنَّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالتَّوْحِيدِ ، وَالتَّسْلِيَةِ وَتَوْطِينِ النَّفْسِ لِمَنْ أُوذِيَ مِنْهُنَّ وَكُذِبَ عَلَيْهِ ، وَأَسْرَارُ التَّنْزِيلِ فَوْقَ هَذَا وَأَجَلُّ مِنْهُ ، وَلَا سِيَّمَا أَسْرَارُ الْأَمْثَالِ الَّتِي لَا يَعْقِلُهَا إلَّا الْعَالِمُونَ .
[ ص: 146 ]
قَالُوا : فَهَذَا بَعْضُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ التَّمْثِيلِ وَالْقِيَاسِ وَالْجَمْعِ وَالْفَرْقِ ، وَاعْتِبَارِ الْعِلَلِ وَالْمَعَانِي وَارْتِبَاطِهَا بِأَحْكَامِهَا تَأْثِيرًا وَاسْتِدْلَالًا