الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ينبغي للمفتي أن يكون حذرا ] ] الفائدة التاسعة والخمسون : وهي مما ينبغي التفطن له : إن رأى المفتي خلال السطور بياضا يحتمل أن يلحق به ما يفسد الجواب فليحترز منه ، فربما دخل من ذلك عليه مكروه ، فإما أن يأمر بكتابة غير الورقة ، وإما أن يخط على البياض أو يشغله بشيء ، كما يحترز منه كتاب الوثائق والمكاتيب .

وبالجملة فليكن حذرا فطنا ، ولا يحسن ظنه بكل أحد ، وهذا الذي حمل بعض المفتين على أنه كان يقيد السؤال عنده في ورقة ثم يجيب في ورقة السائل ، ومنهم من كان يكتب السؤال في ورقة من عنده ثم يكتب الجواب ، وليس شيء من ذلك بلازم ، والاعتماد على قرائن الأحوال ومعرفة الواقع والعادة .

[ وينبغي له أن يشاور من يثق به ] الفائدة الستون : إن كان عنده من يثق بعلمه ودينه فينبغي له أن يشاوره ، ولا يستقل بالجواب ، ذهابا بنفسه وارتفاعا بها ، أن يستعين على الفتاوى بغيره من أهل العلم ، وهذا من الجهل ، فقد أثنى الله سبحانه على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم ، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وشاورهم في الأمر } وقد كانت المسألة تنزل بعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فيستشير لها من حضر من الصحابة ، وربما جمعهم وشاورهم ، حتى كان يشاور ابن عباس رضي الله عنهما وهو إذ ذاك أحدث القوم سنا ، وكان يشاور عليا كرم الله وجهه وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين ، ولا سيما إذا قصد بذلك تمرين أصحابه وتعليمهم ، وشحذ أذهانهم .

قال البخاري في صحيحه : " باب إلقاء العالم المسألة على أصحابه " وأولى ما ألقى عليهم المسألة التي سئل عنها ، هذا ما لم يعارض ذلك مفسدة من إفشاء سر السائل أو تعريضه للأذى ، أو مفسدة لبعض الحاضرين ، فلا ينبغي له أن يرتكب ذلك ، وكذلك الحكم في عابر الرؤيا ، فالمفتي والمعبر والطيب يطلعون من أسرار الناس وعوراتهم على ما لا يطلع عليه غيرهم ; فعليهم استعمال الستر فيما لا يحسن إظهاره .

التالي السابق


الخدمات العلمية