فصل :
[ كان أصحاب النبي يجتهدون ويقيسون ]
وقد . كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهدون في النوازل ، ويقيسون بعض الأحكام على بعض ، ويعتبرون النظير بنظيره
قال : ثنا أسد بن موسى عن شعبة زبيد اليامي عن عن طلحة بن مصرف عن مرة الطيب - كرم الله وجهه - في الجنة : كل قوم على بينة من أمرهم ومصلحة من أنفسهم يزرون على من سواهم ، ويعرف الحق بالمقايسة عند ذوي الألباب ، وقد رواه علي بن أبي طالب وغيره مرفوعا ، ورفعه غير صحيح . الخطيب
وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحكام ولم يعنفهم ، كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلوا العصر في بني قريظة ، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق ، وقال : لم يرد منا التأخير ، وإنما أراد سرعة النهوض ، فنظروا إلى المعنى ، واجتهد آخرون [ ص: 156 ] وأخروها إلى بني قريظة فصلوها ليلا ، نظروا إلى اللفظ ، وهؤلاء سلف أهل الظاهر ، وهؤلاء سلف أصحاب المعاني والقياس .
{ رضي الله تعالى عنه علي باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام ، فقال كل منهم : هو ابني ، فأقرع بينهم ، فجعل الولد للقارع ، وجعل عليه للرجلين ثلثي الدية ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي رضي الله عنه علي } . ولما كان
{ في سعد بن معاذ بني قريظة وحكم فيهم باجتهاده ، فصوبه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات } . واجتهد
{ } . واجتهد الصحابيان اللذان خرجا في سفر ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فصليا ، ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما ولم يعد الآخر ، فصوبهما ، وقال للذي لم يعد أصبت السنة ، وأجزأتك صلاتك وقال للآخر لك الأجر مرتين
ولما { مجزز المدلجي وقاف وحكم بقياس وقيافته على أن أقدام زيد ابنه بعضها من بعض سر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى برقت أسارير وجهه من صحة هذا القياس وموافقته للحق وأسامة } ، وكان قاس زيد أبيض وابنه أسود ، فألحق هذا القائف الفرع بنظيره وأصله وألغى وصف السواد والبياض الذي لا تأثير له في الحكم . أسامة
وقد تقدم قول رضي الله عنه الكلالة " أقول فيها برأيي ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، أراه ما خلا الوالد والولد " . الصديق
فلما استخلف قال : " إني لأستحيي من الله أن أرد شيئا قاله عمر " . أبو بكر
وقال الشعبي عن قال : قال لي شريح : اقض بما استبان لك من كتاب الله ، فإن لم تعلم كل كتاب الله فاقض بما استبان لك من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما استبان لك من أئمة المهتدين ، فإن لم تعلم كل ما قضت به أئمة المهتدين فاجتهد رأيك ، واستشر أهل العلم والصلاح . . عمر
وقد اجتهد في المفوضة وقال : أقول فيها برأيي ، ووفقه الله للصواب ، وقال ابن مسعود سفيان عن عبد الرحمن الأصبهاني عن عكرمة قال : أرسلني إلى ابن عباس أسأله عن زوج وأبوين ، فقال : للزوج النصف ، وللأم ثلث ما بقي ، وللأب بقية المال ، فقال : تجده في كتاب الله أو تقوله برأيك ؟ قال : أقوله برأيي ، ولا أفضل أما على أب . زيد بن ثابت
وقايس - كرم الله وجهه - علي بن أبي طالب في المكاتب ، وقايسه في الجد والإخوة . وزيد بن ثابت
وقاس الأضراس بالأصابع ، وقال : عقلها سواء ، اعتبروها بها ابن عباس