. يعني أن من علم الوضع وسمع اللفظ بادر إلى حمله على ذلك المعنى من غير قرينة . واحترزنا بقولنا : لأجل العلم بالوضع عما إذا بدر الفهم إلى المعنى لأجل أمر خارج عن الوضع كقرائن احتفت به أو غلبة استعمال لا تنتهي إلى كون اللفظ منقولا إلى ذلك المعنى ، وربما يتبادر الفهم إلى أحد معنيين من غير أن تكون مختصة به ، ويكون مشتركا بينه وبين معنى آخر لم يتبادر الفهم إليه ، ولم يحضر السامع عند الإطلاق ، فلا تكون المبادرة إلى ذلك المعنى الأول دليلا على اختصاص الحقيقة به . قاله فمن خواص الحقيقة وهي أقواها : تبادر الذهن إلى فهم المعنى بغير قرينة [ ص: 117 ] لأجل العلم بالوضع ابن دقيق العيد وهو حسن ، وبه يندفع إيراد من أورد على طرد هذه العلامة ، المجاز المنقول والمجاز الراجح ، وعلى عكسها المشترك فإنه حقيقة في مدلولاته مع عدم التبادر . وأجيب بأن المنقول إنما يتبادر ; لأنه حقيقة فيه ، ولا ينافي ذلك لكونه مجازا ، وأما المجاز الراجح فنادر ، والتبادر في الأغلب لا يوجد إلا في الحقيقة ، وتخلف المدلول على الدليل الظني لا يقدح فيه حقيقة ، وأما المشترك فالتعريف بالعلامة لا يشترط فيه الانعكاس . ، ولا يرد المشترك حقيقتين ، فإنه لعارض الاشتراك لا لذاته . ومن خواص المجاز ومنها . عدم احتياجه إلى القرينة ; إذ الاستحالة تقتضي أن يكون غير موضوع له ، فيكون مجازا كقوله تعالى ، { إطلاق اللفظ على ما يستحيل تعلقه به واسأل القرية } أي : أهلها كذا ذكره الإمام وأتباعه . واستشكله الصفي الهندي بالمجاز العقلي نحو { وأخرجت الأرض أثقالها } فإنه كذلك مع أنه ليس مجازا لغويا ، فإن [ ص: 118 ] أراد باستحالة التعلق بالنسبة إلى الوضع اللغوي فباطل . قلت : قد سبق أن المجاز العقلي لغوي على الصحيح .