مسألة الآمر هل يدخل تحت الأمر ؟ اختلفوا في أن ؟ على وجهين . حكاهما [ ص: 349 ] الآمر هل يدخل تحت الأمر أم لا ابن الصباغ في العدة " ونص على عدم الدخول ، وكذا نصره ، وقال : القول بالدخول ظاهر الفساد ، وقطع به الشيخ أبو حامد الإسفراييني الجرجاني في كتاب الوصية : قال : لأن الظاهر أن المأمور غيره . ولا بد من تحرير النزاع فنقول : له حالات : إحداها : أن يقول لنفسه : " افعلي " مريدا ذلك الفعل من نفسه ، ولا نزاع في جوازه وهل يسمى حسنا أم لا ؟ قال الهندي : الحق : المنع ; إذ لا فائدة فيه ، وهل يسمى أمرا ؟ إن شرطنا العلو أو الاستعلاء امتنع ، وإن لم نشرطه ، فيحتمل المنع أيضا ; لأن المغايرة بين الآمر والمأمور معتبرة وهي مفقودة هاهنا ، فإن لم نعتبرها سمي به ، وهو بعيد . الثانية : أن يأمر غيره بلفظ خاص به لا يتناوله ، فلا يدخل الآمر تحته قطعا سواء أمر عن نفسه أو أخبر بالأمر عن غيره .
الثالثة : أن يأمر غيره بلفظ عام متناول له فإما أن يأمر بأمر الغير . قال الهندي : فالظاهر أنه لا نزاع في دخوله تحت الأمر كما إذا تلا النبي صلى الله عليه وسلم : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وإما أن يأمر بأمر نفسه ، كقوله : " يا أيها الناس " أو " يا أيها المؤمنون افعلوا كذا " فهذا هو محل النزاع . والأكثرون على دخوله نظرا إلى عموم اللفظ ، فإن كونه أمرا لا يصلح معارضا له ، ولهذا دخل عليه السلام في كثير من أوامره ، والأصل عدم دليل آخر . كذا قاله الهندي وغيره ، وسيأتي في العموم ، لكن الأكثرين - وهو مذهب - على عدم دخوله . وقال صاحب الواضح " المعتزلي : لا خلاف في أن الآمر لا يدخل في الأمر إذا أمر عن نفسه ، فأما إذا أخبر بالأمر عن غيره ، كقوله [ ص: 350 ] عليه السلام لأمته : ( إن الله يأمركم بصوم يوم ) فاختلفوا فيه على قولين : والصحيح : دخوله . قال : وأما المخبر فالظاهر أنه يدخل في الخبر ، كقوله : من قعد في المطر ابتل ، وليس المراد أنه يخبر عن نفسه ; لأنه عبث بل المراد أنه يصير مخبرا لغيره عن نفسه أنه بهذه الصفة ، وكلام الشافعي الهندي يقتضي أن الخبر محل وفاق ، ومثله بقوله صلى الله عليه وسلم : { } قال : ولهذا قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ ومرتبته كونه مخاطبا لا يخصه ، وكذا في الأمر وليس كذلك ، وستأتي المسألة بمزيد تتمة في باب العموم إن شاء الله تعالى . لن ينجو أحد بعمله