[ ص: 43 ] اختلف الأصحاب : هل فاختار الأكثر أنها ركن ; لأنها داخل العبادة . وذلك شأن الأركان ، والشرط ما يتقدم عليها ، ويجب استمراره فيها ، واختار النية ركن في العبادات ، أو شرط ؟ القاضي أبو الطيب وابن الصباغ أنها شرط ، وإلا لافتقرت إلى نية أخرى تندرج فيه . كما في أجزاء العبادات فوجب أن تكون شرطا خارجا عنها ، والأولون انفصلوا عن ذلك بلزوم التسلسل .
واختلف كلام الغزالي في ذلك ، فعدها في الصوم ركنا وقال في الصلاة : هي بالشروط أشبه ، ووقع العكس من ذلك في كلام الشيخين ، فإنهما عداها في الصلاة ركنا ، وقالا في الصوم : النية شرط الصوم . وهذا يمكن أن يكون له وجه من جهة أنها في الصوم متقدمة عليه .
وقال العلائي : يمكن أن يقال : ما كانت النية معتبرة في صحته ، فهي ركن فيه ، وما يصح بدونها ، ولكن يتوقف حصول الثواب عليها ، كالمباحات ، والكف عن المعاصي : فنية التقرب شرط في الثواب .
تنبيه :
قال ابن دقيق العيد : كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يستشكل معرفة حقيقة الإحرام جدا ، ويبحث فيه كثيرا ، فإذا قيل له : إنه النية ، اعترض عليه بأن ، وشرط الشيء بغيره . وإذا قيل له : إنه التلبية اعترض عليه بأنها ليست بركن . النية شرط في الحج الذي الإحرام ركنه
وعبارته في القواعد : ومن المشكل قولهم : إن الحج والعمرة ينعقدان بمجرد نية الإحرام ، من غير قول ولا فعل ، فإن أريد بالإحرام أفعال الحج ، لم يصح ، لأنه لم يتلبس بشيء منها وقت النية ، وإن أريد الانكفاف عن المحظورات ، لم يصح ; لأنه لو نوى الإحرام مع ملابسة المحظورات صح ; ولأنه لو كان كذلك لما صح إحرام من جهل وجوب الكف ; لأن الجهل به يمنع توجه النية إليه ; إذ لا يصح قصد ما يجهل حقيقته .
وفي التلقين لابن سراقة : الإحرام النية بالحج والعزم على فعله ، وقال ابن عبدان : الإحرام أن ينوي أنه قد أحرم . وغلط بعض أصحابنا فجعل النية غير الإحرام وأشار به إلى ابن سريج ، حيث قال : لا يتم الحج إلا بالنية للإحرام ، والإحرام وعبارة التنبيه : وينوي الإحرام بقلبه ، وهو يدل على أن النية غير الإحرام وذلك هو التحقيق ، فإنه لو أحرم إحراما مطلقا فله صرفه إلى ما شاء ، فالنية غير المنوي .
وقال النووي : الإحرام : نية الدخول في الحج أو العمرة . قال ابن الرفعة : وهذا التفسير يخرج الإحرام المطلق فالوجه أن يقال : هو نية حج أو عمرة أو هما أو ما يصح لأحدهما ، وهو المطلق .
تنبيه آخر :
أجروا النية مجرى الشروط في مسألة : وهي ما لو ; فإنه يجب الإعادة ، بخلاف ما لو شك في ترك ركن . قال في شرح [ ص: 44 ] المهذب : والفرق أن الشك في الأركان يكثر لكثرتها ، بخلاف الشروط . وقال في الروضة وشرح المهذب في الصوم : لو شك بعد الصلاة في تركها أو ترك الطهارة فلا أثر له . شك الصائم في النية بعد الغروب