فصل في الحث على جلب المصالح ودرء المفاسد
لما علم الرب سبحانه أنه قد جبل عباده على الميل إلى الأفراح واللذات ، والنفور من الغموم والمؤلمات وأنه قد حفت الجنة بالمكاره والنار بالشهوات ، وعد من عصى هواه وأطاع مولاه بما أعده في الجنان من المثوبة والرضوان ، ترغيبا في الطاعات ليتحملوا مكارهها ومشاقها ، ويتوعد من عصى مولاه وأطاع هواه بما أعده في النيران من العقوبة والهوان ، زجرا عن المخالفات ليجتنبوا ملاذها ورفاهيتها ، ومدح الطائعين ترغيبا في الدخول في حمده ومدحته ، وذم العاصين تنفيرا من الدخول في لومه ومذمته .
وكذلك وضع الحدود والعقوبات العاجلة زجرا عن السيئات . فالواجب على العباد اتباع الرشاد ، وتنكب أسباب الفساد ، وقضاء الله وقدره من وراء ذلك ، فلا راد لحكمه ولا معقب لقضائه ، ولا خروج لعبد عما حكم له أو عليه من سعادة أو شقاوة .