( فائدة ) ; لما في السجدتين من ترغيمه ، فإن الإنسان إذا سجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر ابن سجدتا السهو جبر من وجه وزجر للشيطان عن الوسواس في الصلاة من وجه آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار . فإن قيل : إلا النكاح والإنكاح فإنه يزجر عنهما بالتعزير دون التكفير فما الفرق بينهما ؟ فالجواب أن الناكح والمنكح لم يحصلا على غرضهما من المحرم الذي ارتكباه بخلاف من ارتكب سائر المحظورات فإنه يحصل على الأغراض التي حرمت لأجلها ، فإن الغرض المقصود من الطيب والدهن واللباس وستر الرأس والاستمتاع بالجماع وبما دون الجماع ، وأكل الصيد وحلق الشعر وتقليم الأظفار حاصل لمن تعاطى ذلك ، فزجر بالكفارة فطاما له عن السعي في تحصيل هذه اللذات ، والنكاح والإنكاح كلام لا يترتب عليه [ ص: 192 ] شيء من الأغراض ولا يصح وما جازت مباشرته من هذه المحظورات لعذر كانت الكفارة جبرا لا زجرا عند من جعل الكفارة زواجر ، ومن لم يجعلها زواجر جعلها جوابر لما نقص من العبادات ، ومهما جاز الإقدام على شيء من هذه المحظورات وجب محرمات الحج تسع من تعمدها زجر عنها بالكفارة لا غير ، إذ لا زجر عما أوجبه الله تعالى أو أذن فيه ، وإنما الزجر عن المفاسد المحققات . فإن قيل : كيف زجر الحنفي بالحد عن شرب النبيذ مع إباحته ؟ قلنا : ليس بمباح وإنما يخطئ في شربه ، وقد عفا الشرع عن المفاسد الواقعة من المخطئين الجاهلين دون العامدين العارفين . فإن قيل : إذا قلنا بتصويب المجتهدين فهلا كان شرب الحنفي مباحا ؟ قلنا : من صوب المجتهدين شرط في ذلك أن يكون مذهب الخصم مستندا إلى دليل ينقض الحكم المستند به إليه . كأكل المحرم المضطر الصيد فليست كفارة زاجرة بل هي جابرة