النوع الثالث والعشرون : الظنون المعتبرة في معرفة الأحكام وأسبابها وسائر متعلقاتها ، ولا يشترط فيها العلم إذ لو شرط فيها العلم لفات معظم المصالح الدنيوية والأخروية ، ولا يكفي فيما يتعلق بأوصاف الإله إلا العلم أو الاعتقاد ، والفرق بينهما أن الظان مجوز بخلاف مظنونه ، وإذا ظن صفة من صفات الإله فإنه يجوز نقيضها وهو نقص ولا يجوز تجويز النقص على الإله ، لأن الظن لا يمنع من تجويز نقيض المظنون ، بخلاف الأحكام فإنه لو ظن الحلال حراما والحرام حلالا لم يكن ذلك تجويز نقص على الرب سبحانه وتعالى ، لأنه لو أحل الحرام وحرم الحلال لم يكن ذلك نقصا فدار تجويزه بين أمرين ، كل واحد منهما كمال ، بخلاف الصفات فإن كمالها شرف وضده نقصان ، ولا يشترط في المعارف والاعتقادات الواجبة الاستمرار والدوام لما في ذلك من المشقة والضرر العام والمقصود بالشرائع إرفاق العباد بل يكفي في ذلك الإيمان الحكمي مع عزوب الإيمان الحقيقي ما لم يطرأ ضد يناقض المعارف والاعتقاد ، والعرفان أفضل من الاعتقاد ، وحكم العرفان أفضل من حكم الاعتقاد .