وأما فإن نقص عنها كانت العزيمة أفضل خروجا من خلاف العلماء . وقد أطلق بعض أكابر أصحاب ما رخصته أفضل من عزيمته فكقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أيام رحمه الله أن الخروج من الخلاف حيث وقع أفضل من التورط فيه وليس كما أطلق ، بل الشافعي . الخلاف على أقسام
القسم الأول : أن يكون الخلاف في التحريم والجواز فالخروج من الاختلاف بالاجتناب أفضل .
القسم الثاني : أن يكون الخلاف في الاستحباب أو الإيجاب فالفعل أفضل فإنها مكروهة عند كقراءة البسملة في الفاتحة واجبة عند مالك وكذلك الشافعي فإن رفع اليدين في التكبيرات لا يراه من السنن ، وكذلك أبا حنيفة في إحدى الروايتين عنه ، وهو عند مالك سنة للاتفاق على صحة الأحاديث وكثرتها فيه . الشافعي
وكذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها سنة عند صلاة الكسوف على الهيئة المنقولة ، الشافعي لا يراها والسنة أن يفعل ما خالف فيه وأبو حنيفة وغيره من ذلك وأمثاله . أبو حنيفة
وكذلك المشي أمام الجنازة مختلف فيه بين العلماء ولا يترك المشي أمامها لاختلافهم والضابط في هذا أن مأخذ المخالف إن كان في غاية الضعف والبعد من الصواب فلا نظر إليه ولا التفات عليه إذا كان ما اعتمد عليه لا يصح نصه دليلا شرعا ، ولا سيما إذا كان مأخذه مما ينقض الحكم بمثله .
[ ص: 254 ] وإن تقاربت الأدلة في سائر الخلاف بحيث لا يبعد قول المخالف كل البعد فهذا مما يستحب الخروج من الخلاف فيه حذرا من كون الصواب مع الخصم والشرع يحتاط لفعل الواجبات والمندوبات ، كما يحتاط لترك المحرمات والمكروهات .
وأما فقد قال بعض الأصحاب إنه رخصة وليس بصحيح فإن الإبراد سنة فقدمت على المبادرة إلى الصلاة لما ذكرناه . الإبراد بالظهر