المثال التاسع عشر : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=25548شغر الزمان عن من له الولاية العظمى ، وحضر اثنان يصلحان للولاية ، لم يجز الجمع بينهما ، لما يؤدي إليه من الفساد باختلاف الآراء : فتتعطل المصالح بسبب ذلك ، لأن أحدهما يرى ما لا يرى الآخر من جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيختل أمر الأمة فيما يتعلق بالمصالح والمفاسد ، وإنما تنصب الولاة في كل ولاية عامة أو خاصة للقيام بجلب مصالح المولى عليهم ، وبدرء المفاسد عنه ، بدليل قول
موسى لأخيه
هارون عليه السلام : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } .
فإن كانا متساويين من كل وجه تخيرنا بينهما ، ويحتمل أن يقرع بينهما دفعا لتأذي من يؤخر منهما ، وإن كان أحدهما أصلح تعينت ولاية الأصلح ; لما قدمناه من تقديم أصلح المصالح فأصلحها ، وأفضلها فأفضلها إلا أن يكون الأصلح بغيضا للناس أو محتقرا عندهم ، ويكون الصالح محببا إليهم عظيما في أعينهم ، فيقدم الصالح على الأصلح ، لأن الإقبال عليه موجب للمسارعة إلى طواعيته وامتثال أمره في جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيصير حينئذ أرجح ممن ينفر منه لتقاعد أعوانه عن المسارعة إلى ما يأمر به من جلب المصالح ودرء المفاسد ، فيصير الصالح بهذا السبب أصلح .
الْمِثَالُ التَّاسِعَ عَشَرَ : إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25548شَغَرَ الزَّمَانُ عَنْ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ الْعُظْمَى ، وَحَضَرَ اثْنَانِ يَصْلُحَانِ لِلْوِلَايَةِ ، لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ مِنْ الْفَسَادِ بِاخْتِلَافِ الْآرَاءِ : فَتَتَعَطَّلُ الْمَصَالِحُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَرَى مَا لَا يَرَى الْآخَرُ مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ ، فَيَخْتَلُّ أَمْرُ الْأُمَّةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ ، وَإِنَّمَا تُنَصَّبُ الْوُلَاةُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ أَوْ خَاصَّةٍ لِلْقِيَامِ بِجَلْبِ مَصَالِحِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ ، وَبِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَنْهُ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ
مُوسَى لِأَخِيهِ
هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=142اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ } .
فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَخَيَّرْنَا بَيْنَهُمَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْرَعَ بَيْنَهُمَا دَفْعًا لِتَأَذِّي مَنْ يُؤَخَّرُ مِنْهُمَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَصْلَحَ تَعَيَّنَتْ وِلَايَةُ الْأَصْلَحِ ; لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ أَصْلَحِ الْمَصَالِحِ فَأَصْلَحِهَا ، وَأَفْضَلِهَا فَأَفْضَلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَصْلَحُ بَغِيضًا لِلنَّاسِ أَوْ مُحْتَقَرًا عِنْدَهُمْ ، وَيَكُونَ الصَّالِحُ مُحَبَّبًا إلَيْهِمْ عَظِيمًا فِي أَعْيُنِهِمْ ، فَيُقَدَّمُ الصَّالِحُ عَلَى الْأَصْلَحِ ، لِأَنَّ الْإِقْبَالَ عَلَيْهِ مُوجِبٌ لِلْمُسَارَعَةِ إلَى طَوَاعِيَتِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ فِي جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ ، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ أَرْجَحَ مِمَّنْ يَنْفِرُ مِنْهُ لِتَقَاعُدِ أَعْوَانِهِ عَنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى مَا يَأْمُرُ بِهِ مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ ، فَيَصِيرُ الصَّالِحُ بِهَذَا السَّبَبِ أَصْلَحَ .