[ ص: 176 ] وله أمثلة : أحدها إذا فإن كانت نصب الزكوات باقية قدمت الزكوات لأن تعلقها بالنصب يشبه تعلق الديون بالرهون ، وإن كانت تالفة فمن العلماء من قدم الديون نظرا إلى رجحان المصلحة في حقوق العباد ، ومنهم من سوى بينهما لتكافؤ المصلحتين عنده ، ومنهم من قدم الزكوات نظرا إلى رجحان المصلحة في حقوق الله وهذا هو المختار لوجهين : أحدهما قوله عليه السلام : { مات وعليه ديون وزكوات } ; فجعل دين الله أحق بالقضاء من ديون العباد . فدين الله أحق بالقضاء
والثاني : أن الزكوات فيها حق لله وحق للفقراء والمساكين فكانوا أحق بالتقديم ، فلا يجوز تقديم واحد على حقين ، ولا سيما إذا كان الدين لغني ، إذ لا نسبة لحقه إلى حق الفقراء مع ضرورتهم وخصاصتهم ، وإذا كان في الكفارة عتق كان أولى بالتقديم لاهتمام الشرع به وكثرة تشوقه إليه ، فإنه يكمل مبعضه فيمن أعتق بعض عبده ، ويسري إلى أنصباء الشركاء . فإن قيل : ؟ قلنا : أما الكفارة المرتبة فلا يجوز تغيير ترتيبها بل يقدم فيها ما قدمه الله ، ويؤخر فيها ما أخره الله ، وأما كفارة الأيمان وكفارة الحلق في الحج فيقدم فيها الطعام والنسك على الصيام ، وكذلك يقدم الطعام في الكفارة على الإعتاق ولا سيما إذا كان الرقيق عاجزا عن الاكتساب مع غلاء الأسعار ، فإن إعتاقه يضر به [ ص: 177 ] وبالمساكين ، لأنه مسقط لنفقته على مولاه ، ومانع للمساكين من الارتفاق بالطعام مع سوء الحال وغلاء الأسعار . لو وجبت الكفارة في الغلاء الشديد والخوف على النفوس فهل يقدم الطعام فيها على العتق والكسوة أم لا
المثال الثاني : فمنهم من يقدم الحج لورود النص في تقديمه بقوله عليه السلام : { اجتماع الحج والديون على الميت } ومنهم من يقدم الدين ، ومنهم من يسوي بينهما إن وجد من يحج بالحصة . فدين الله أحق بالقضاء
المثال الثالث : إذ ففيه نفس الأقوال ، والمختار تقديم سراية العتق ، لما ذكرناه في اجتماع الديون والزكوات . اجتمع حق سراية العتق مع الديون