وأفضل ما تقرب به التذلل لعزة الله والتخضع لعظمته والإيحاش لهيبته ، والتبري من الحول والقوة إلا به ، وهذا شأن العارفين ، وما خرج عنه فهو طريق الجاهلين أو الغافلين ، وقد تمت الحكمة وفرغ من القسمة ، وسينزل كل أحد في دار قراره حكما وعدلا وحقا ، قسطا وفضلا ، وما ثبت في القدم لا يخلفه العدم ولا تغيره الهمم ، بعد أن جرى به القلم وقضاه العدل الحكم ، فأين المهرب وإلى أين المذهب وقد عز المطلب ووقع ما يذهب ، فيا خيبة من طلب ما لم تجز به الأقدار ولم تكتبه الأقلام ، يا لها من مصيبة ما أعظمها وخيبة ما أفحمها . أين المهرب من الله وأين الذهاب عن الله وأين الفرار من قدرة الله ؟ بينا يرى أحدهم قريبا دانيا إذ أصبح بعيدا نائيا ، لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا حفظا ولا رفعا [ ص: 14 ]
بأي نواحي الأرض نرجو وصالكم وأنتم ملوك ما لمقصدكم نحو
والله لن تصل إلى شيء إلا بالله فكيف توصل بغيره .