الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
133 \ 1915 - عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=673630أن النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=33038_3514أفاض يوم النحر، ثم صلى الظهر بمنى يعني راجعا .
قال ابن القيم رحمه الله: هكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر، وقال nindex.php?page=showalam&ids=36جابر في حديثه الطويل: nindex.php?page=hadith&LINKID=100919ثم أفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم. وقالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=65724أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها الحديث، وسيأتي.
فاختلف الناس في ذلك، فرجحت طائفة - منهم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وغيره، - حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وأنه صلى الظهر بمكة.
قالوا: وقد وافقته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، واختصاصها به وقربها منه، واختصاص جابر، وحرصه على الاقتداء به، أمر لا يرتاب فيه.
قالوا: ولأنه صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة وحلق رأسه، وخطب الناس، ونحر مائة بدنة هو وعلي، وانتظر حتى سلخت، وأخذ من كل بدنة بضعة، فطبخت وأكلا من لحمها.
[ ص: 397 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم: وكانت حجته في آذار، ولا يتسع النهار لفعل هذا جميعه، مع الإفاضة إلى البيت والطواف وصلاة الركعتين، ثم يرجع إلى منى، ووقت الظهر باق.
وقالت طائفة، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: الذي يترجح أنه إنما صلى الظهر بمنى، لوجوه:
أحدها: أنه لو صلى الظهر بمكة لنابه عنه في إمامة الناس بمنى إمام يصلي بهم الظهر، ولم ينقل ذلك قط. ومحال أن يصلي بالمسلمين الظهر بمنى نائب له، ولا ينقله أحد، فقد نقل الناس نيابة nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف، لما صلى بهم الفجر في السفر، ونيابة الصديق لما خرج صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف، ونيابته في مرضه، ولا يحتاج إلى ذكر من صلى بهم بمكة، لأن إمامهم الراتب، الذي كان مستمرا على الصلاة قبل ذلك وبعده، هو الذي كان يصلي بهم.
الثاني: أنه لو صلى بهم بمكة لكان أهل مكة مقيمين، فكان يتعين عليهم الإتمام، ولم يقل لهم النبي صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=64589أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر كما قاله في [ ص: 398 ] غزاة الفتح.
الثالث: أنه يمكن اشتباه الظهر المقصورة بركعتي الطواف، ولا سيما والناس يصلونهما معه، ويقتدون به فيهما فظنهما الرائي الظهر. وأما صلاته بمنى والناس خلفه فهذه لا يمكن اشتباهها بغيرها أصلا، لا سيما وهو صلى الله عليه وسلم كان إمام الحج الذي لا يصلي لهم سواه، فكيف يدعهم بلا إمام يصلون أفرادا ولا يقيم لهم من يصلي بهم ؟ هذا في غاية البعد.
وأما حديث عائشة فقد فهم منه جماعة - منهم المحب الطبري وغيره - أنه nindex.php?page=treesubj&link=33038صلى الظهر بمنى، ثم أفاض إلى البيت بعد ما صلى الظهر، لأنها قالت: nindex.php?page=hadith&LINKID=65724أفاض من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى .
[ ص: 399 ] قالوا: ولعله صلى الظهر بأصحابه، ثم جاء إلى مكة فصلى الظهر بمن لم يصل، كما قال جابر، ثم رجع إلى منى، فرأى قوما لم يصلوا فصلى بهم ثالثة، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر.
وهذه خرفشة في العلم، وطريقة يسلكها القاصرون فيه، وأما فحول أهل العلم، فيقطعون ببطلان ذلك، ويحيلون الاختلاف على الوهم والنسيان، الذي هو عرضة البشر، ومن له إلمام بالسنة ومعرفة حجه صلى الله عليه وسلم، يقطع بأنه لم يصل الظهر في ذلك اليوم ثلاث مرات بثلاث جماعات، بل ولا مرتين. وإنما صلاها على عادته المستمرة قبل ذلك اليوم وبعده، صلى الله عليه وسلم.
وفهم منه آخرون - منهم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وغيره - أنه أفاض حين صلاها بمكة.
وفي نسخة من نسخ " السنن" : nindex.php?page=hadith&LINKID=65724أفاض حتى صلى الظهر ثم رجع . وهذه الرواية ظاهرة في أنه صلاها بمكة، كما قال nindex.php?page=showalam&ids=36جابر، ورواية "حين" محتملة للأمرين، والله أعلم.