وقوله: دليل على أن ليطلقها طاهرا أو حاملا قال الحامل طلاقها سني، "لا خلاف بين العلماء أن الحامل طلاقها للسنة"، قال ابن عبد البر: أذهب إلى حديث الإمام أحمد: سالم، عن أبيه . وعن ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا رواية أخرى، أن طلاق الحامل ليس بسني ولا بدعي، وإنما يثبت لها ذلك من جهة العدد، لا من جهة الوقت. أحمد
ولفظة " الحمل " في حديث انفرد بها ابن عمر وحده في بعض طرق الحديث. ولم يذكرها مسلم فلذلك لم يكن طلاقها سنيا ولا بدعيا، لأن الشارع لم يمنع منه. البخاري.
فإن قيل: إذا لم يكن سنيا كان طلاقها بدعيا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أباح [ ص: 512 ] طلاقها في طهر لم يمسسها فيه، فإذا مسها في الطهر وحملت واستمر حملها، استمر المنع من الطلاق، فكيف يبيحه تجدد ظهور الحمل، فإذا لم يثبتوا هذه اللفظة لم يكن طلاق الحامل جائزا.
فالجواب: أن المعنى الذي لأجله حرم الطلاق بعد المسيس معدوم عند ظهور الحمل، لأن المطلق عند ظهور الحمل قد دخل على بصيرة، فلا يخاف ظهور أمر يتجدد به الندم، وليست المرأة مرتابة لعدم اشتباه الأمر عليها، بخلاف طلاقها مع الشك في حملها. والله أعلم.
وقوله " طاهرا أو حاملا " احتج به من قال: الحامل لا تحيض، لأنه صلى الله عليه وسلم حرم الطلاق في زمن الحيض، وأباحه في وقت الطهر والحمل، فلو كانت الحامل تحيض لم يبح طلاقها حاملا إذا رأت الدم، وهو خلاف الحديث.
ولأصحاب القول الآخر أن يجيبوا، عن ذلك، بأن حيض الحامل لما لم يكن له تأثير في العدة بحال لا في تطويلها ولا تخفيفها، إذ عدتها بوضع الحمل، أباح الشارع طلاقها حاملا مطلقا، وغير الحامل لم يبح طلاقها إلا إذا لم تكن حائضا، لأن الحيض يؤثر في العدة، لأن عدتها بالأقراء.
فالحديث دل على أن المرأة لها حالتان، إحداهما: أن تكون حائلا، فلا تطلق إلا في طهر لم يمسسها فيه. والثانية: أن تكون حاملا، فيجوز طلاقها.
والفرق بين الحامل وغيرها في الطلاق إما هو بسبب الحمل وعدمه، لا بسبب حيض ولا طهر ولهذا يجوز طلاق الحامل بعد المسيس، دون الحائل، وهذا جواب سديد والله أعلم.