وقوله: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها الآية.
ذكر المفسرون: أن الحمس -وهم قريش، وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف- كان أحدهم إذا أحرم؛ لم يسلأ السمن، ولم يبع الوبر، ولم يدخل من باب [ ص: 454 ] بيت، وسموا حمسا: لتشددهم في دينهم.
وقيل: كانوا إذا رجع أحدهم لحاجة؛ نقب في الجدار من وراء الحجرة، فدخل؛ لئلا يدخل من السقيفة، فتحول بينه وبين السماء؛ لأنهم كانوا لا يحول بينهم وبين السماء حائل.
وقيل: كان قوم إذا خرج أحدهم في حاجته فلم يظفر بها؛ رجع فلم يدخل من باب بيته.
: معنى الآية: اطلبوا الخير من بابه، ومن أهله، ولا تطلبوه من الجهال من المشركين. أبو عبيدة
: فسر بعض الناس ظهور البيوت بإتيان النساء في أدبارهن، فمعنى ابن الأنباري وأتوا البيوت من أبوابها : ائتوا النساء في فروجهن.
وقوله: والفتنة أشد من القتل : عن (الفتنة): الشرك، . قتادة
[ ص: 455 ] : ارتداد المسلم عن دينه أشد عليه من أن يقتل. مجاهد
وسمي الكفر فتنة؛ لأنه يظهر بالاختبار، وأصل (الفتنة): الاختبار، وقيل: سمي بذلك؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك، كما تؤدي الفتنة.
ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قيل: إن (الباء) زائدة، وقيل: دخلت؛ لأن المعنى: (لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم)، وتقدم معنى الآية.
وواحد (الهدي): هدية، : لا يعرف له نظير إلا (جدية السرج، وجدي). أبو عمرو
: هو مطرد في الأجناس، كتمرة وتمر، وشرية وشري. المبرد
: لا واحد له، وأصل (الهدي) من: الهدية. الفراء
وقوله: فإذا أفضتم من عرفات أي: اندفعتم، من قوله: (فاض الإناء) ؛ إذا امتلأ حتى ينصب من نواحيه.
وسميت عرفات؛ لأن جبريل عليه السلام كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا موضع كذا، فيقول: قد عرفت، قاله رضي الله عنه، علي بن أبي طالب وغيرهما. والحسن البصري،
[ ص: 456 ] وعن أيضا: أمر الحسن إبراهيم بالخروج إلى عرفات، ونعتت له، فلما جاءها؛ عرفها بنعتها، فقال: عرفت، فسميت عرفات، [فلما أمسى؛ ازدلف إلى جمع؛ مزدلفة . فسميت
وقيل: عرفات ]؛ لأن سميت آدم عليه السلام تعارف فيها مع حواء بعد هبوطهما من الجنة وافتراقهما.
وإن كنتم من قبله لمن الضالين أي: من قبل الهدى.
{وإن}: مخففة من الثقيلة؛ يدل على ذلك دخول لام الابتداء.
وقيل: {إن} بمعنى (ما)، و (اللام) بمعنى (إلا).
وقوله: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الحسنة : الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنة.
: في الدنيا: عافية، وفي الآخرة: عافية. قتادة
وقيل: الحسنة في الدنيا: المال.
أولئك لهم نصيب مما كسبوا : حظ من ثواب كسبهم.
والله سريع الحساب أي: سريع المجازاة للعباد.
[وقيل: المعنى: أنه سريع العلم بكل محسوب؛ إذ الفائدة في استعمال الحساب ليدرك به العلم، فسمي العلم حسابا لذلك.
وقيل: معناه: سريع القبول للدعاء؛ لأنه يجيب الداعين في أشياء مختلفة في وقت واحد، فيجزي كل واحد منهم بمقدار استحقاقه ومصالحه].
[ ص: 457 ] وقيل: قال ذلك؛ لأنه يحاسب العبد لا عن روية، ولا تأمل، [فهو يحاسبه في وقت يسير]، [لا إله إلا هو الرحمن الرحيم].