الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      ذكر المفسرون: أن الحمس -وهم قريش، وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف- كان أحدهم إذا أحرم؛ لم يسلأ السمن، ولم يبع الوبر، ولم يدخل من باب [ ص: 454 ] بيت، وسموا حمسا: لتشددهم في دينهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كانوا إذا رجع أحدهم لحاجة؛ نقب في الجدار من وراء الحجرة، فدخل؛ لئلا يدخل من السقيفة، فتحول بينه وبين السماء؛ لأنهم كانوا لا يحول بينهم وبين السماء حائل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: كان قوم إذا خرج أحدهم في حاجته فلم يظفر بها؛ رجع فلم يدخل من باب بيته.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيدة : معنى الآية: اطلبوا الخير من بابه، ومن أهله، ولا تطلبوه من الجهال من المشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن الأنباري : فسر بعض الناس ظهور البيوت بإتيان النساء في أدبارهن، فمعنى وأتوا البيوت من أبوابها : ائتوا النساء في فروجهن.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: والفتنة أشد من القتل : (الفتنة): الشرك، عن قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 455 ] مجاهد : ارتداد المسلم عن دينه أشد عليه من أن يقتل.

                                                                                                                                                                                                                                      وسمي الكفر فتنة؛ لأنه يظهر بالاختبار، وأصل (الفتنة): الاختبار، وقيل: سمي بذلك؛ لأنه يؤدي إلى الهلاك، كما تؤدي الفتنة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قيل: إن (الباء) زائدة، وقيل: دخلت؛ لأن المعنى: (لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم)، وتقدم معنى الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      وواحد (الهدي): هدية، أبو عمرو : لا يعرف له نظير إلا (جدية السرج، وجدي).

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد : هو مطرد في الأجناس، كتمرة وتمر، وشرية وشري.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : لا واحد له، وأصل (الهدي) من: الهدية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإذا أفضتم من عرفات أي: اندفعتم، من قوله: (فاض الإناء) ؛ إذا امتلأ حتى ينصب من نواحيه.

                                                                                                                                                                                                                                      وسميت عرفات؛ لأن جبريل عليه السلام كان يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا موضع كذا، فيقول: قد عرفت، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والحسن البصري، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 456 ] وعن الحسن أيضا: أمر إبراهيم بالخروج إلى عرفات، ونعتت له، فلما جاءها؛ عرفها بنعتها، فقال: عرفت، فسميت عرفات، [فلما أمسى؛ ازدلف إلى جمع؛ فسميت مزدلفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: سميت عرفات ]؛ لأن آدم عليه السلام تعارف فيها مع حواء بعد هبوطهما من الجنة وافتراقهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن كنتم من قبله لمن الضالين أي: من قبل الهدى.

                                                                                                                                                                                                                                      {وإن}: مخففة من الثقيلة؛ يدل على ذلك دخول لام الابتداء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: {إن} بمعنى (ما)، و (اللام) بمعنى (إلا).

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة الحسنة : الحسنة في الدنيا: العلم والعبادة، وفي الآخرة: الجنة.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة : في الدنيا: عافية، وفي الآخرة: عافية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الحسنة في الدنيا: المال.

                                                                                                                                                                                                                                      أولئك لهم نصيب مما كسبوا : حظ من ثواب كسبهم.

                                                                                                                                                                                                                                      والله سريع الحساب أي: سريع المجازاة للعباد.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقيل: المعنى: أنه سريع العلم بكل محسوب؛ إذ الفائدة في استعمال الحساب ليدرك به العلم، فسمي العلم حسابا لذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: معناه: سريع القبول للدعاء؛ لأنه يجيب الداعين في أشياء مختلفة في وقت واحد، فيجزي كل واحد منهم بمقدار استحقاقه ومصالحه].

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 457 ] وقيل: قال ذلك؛ لأنه يحاسب العبد لا عن روية، ولا تأمل، [فهو يحاسبه في وقت يسير]، [لا إله إلا هو الرحمن الرحيم].

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية