الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فإن أحصرتم (الإحصار) في قول أكثر العلماء وأهل اللغة بالمرض، أو ذهاب النفقة، و (الحصر): حبس العدو، وأجاز الفراء استعمال كل [ ص: 438 ] واحد منهما مكان الآخر، وأباه المبرد والزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء فيه؛ فقال بعضهم: معنى الآية: إن حبسكم خوف عدو، أو مرض، أو وجه من وجوه المنع، هذا قول مجاهد، وقتادة، وغيرهما، وروي نحوه عن ابن عباس، وروي عنه أيضا: أن الحصر: منع العدو لا غير، وعن مجاهد أيضا: أن الإحصار منع المرض لا غير.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن مسعود : أنه جعل رجلا لدغ محصرا.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن الثوري : أن الإحصار من المرض، ومن الخوف، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك، قال أبو حنيفة وأصحابه: حكم المحصر بالعدو والمرض سواء.

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب مالك في الآية: أن الإحصار بالمرض؛ فإنه لا يقال: ( حصر) إلا في العدو، ولا يحل عنده حتى يطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، وكذلك حكم كل من أحصر بغير عدو، فإذا وصل إلى البيت بعد فوت الحج؛ عمل [ ص: 439 ] عمل العمرة وقطع التلبية أوائل الحرم، وعليه حج قابل، والهدي مع القضاء للفوات، ولا يجزئه هدي إن كان معه الآن، فإن تمادى مرضه إلى حج قابل، ثم صح، فمضى على إحرامه الأولي؛ أجزأه، ولا دم عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجمعوا على أن كل من حصر بعدو ينحر، ويحلق، ويحل، ولا قضاء عليه لحج ولا عمرة، ولا هدي عليه سوى الذي معه عند مالك، والشافعي، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وعليه القضاء عند أبي حنيفة وأصحابه للحج، وعليه عمرة مع ذلك، وقاله النخعي .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد، والشعبي، وعكرمة : القضاء بغير عمرة، فإن كان ضرورة؛ فحجة الإسلام واجبة عليه بإجماع.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فما استيسر من الهدي يعني: شاة عند مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وغيرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن عائشة وابن عمر : أنه من الإبل والبقر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 440 ] وقوله: حتى يبلغ الهدي محله يعني: منى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية