كان الناس أمة واحدة أي: على دين واحد. وقوله:
وقيل: {الناس} ههنا: نوح ومن كان معه في السفينة.
وقيل: آدم وحواء .
: كان الخلق أمة واحدة على الإسلام، إذ أخرجهم الله من ظهر أبي بن كعب آدم كالذر.
: كانوا أمة واحدة على الكفر. ابن عباس
وقوله: ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه قيل: ليحكم الكتاب، وقيل: ليحكم الله.
[ ص: 492 ] وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه أي: ما اختلف في الكتاب إلا الذين أعطوه.
وقيل: ما اختلف في النبي صلى الله عليه وسلم إلا الذين أعطوا علمه.
بغيا بينهم أي: لم يختلفوا إلا للبغي.
وقيل: عنى: ما اختلفوا فيه من السبت، والقبلة، وغيرهما.
فهدى الله الذين آمنوا : أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الحق، وذكر الهداية للاختلاف وإنما هي للحق; لأن العناية بذكر الاختلاف أشد، فقدم لذلك.
وقيل: المعنى: فهدى الله الذين آمنوا للاختلاف أنه باطل.
: هو من المقلوب. الفراء
وقيل: المراد بالآية: اختلافهم في عيسى عليه السلام.
ومعنى {بإذنه} : بعلمه.
قوله: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة : {أم} : منقطعة بمعنى: (بل) .
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم الآية; أي: ولم تمتحنوا بمثل ما امتحنوا به، فتصبروا كما صبروا، فاستدعاهم الله تعالى إلى الصبر، ووعدهم على إثر ذلك بالنصر، فقال: ألا إن نصر الله قريب .
و {لما} بمعنى: (لم) ، إلا أن فيها توقعا; لأنها تعقب (قد) ، إذا قلت: (قد خرج زيد) وأنت تتوقع خروجه; قيل: (لما يخرج) .
[ ص: 493 ] وروي: أن هذا نزل يوم الخندق حين اشتد على المسلمين أمر الأحزاب.
وقيل: هي تعزية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم، وهاجروا.
ومعنى (المثل) ههنا: الصفة.
ومعنى {زلزلوا} : خوفوا، وحركوا.
وقوله: متى نصر الله : على وجه الدعاء، وقيل: إنهم استبطئوا النصر، والأول أشبه بصفات الأنبياء عليهم السلام.
وتقدم القول في مثل: يسألونك ماذا ينفقون .
ومعنى كتب عليكم القتال وهو كره أي: ذو كره.
: الكره: من نفسك، والكره: ما أكرهت عليه. الكسائي
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم : {وعسى} من الله واجبة، وهذا كله في الخروج إلى الجهاد، والقعود عنه.
يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه : قد تقدم القول في سبب نزول الآية.
وقوله تعالى: قل قتال فيه كبير : ابتداء وخبر، ثم استأنف، فقال: وصد عن سبيل الله وكفر به أي: بالله، والمسجد الحرام أي: وصد عن المسجد الحرام.
وإخراج أهله منه أي: أهل المسجد الحرام أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل .
وأجاز : أن يكون (الصد) و(الكفر) معطوفين على {كبير} ؛ وذلك يوجب أن يكون القتال في الشهر الحرام كفرا. الفراء
[ ص: 494 ] وجعل أيضا الفراء والمسجد الحرام معطوفا على الشهر الحرام ، وهو بعيد; لأنهم لم يسألوا، وهو بعيد; لأنهم لم يسألوا عن المسجد الحرام، وإنما سألوا عن الشهر الحرام: هل يجوز فيه القتال؟ولا يجوز أن يعطف على (الهاء) في {به} عند من يجيز عطف الظاهر على المضمر; لأن المعنى ليس هو على: كفر بالله، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمسجد الحرام .
وقيل: إن المعنى: (وصد عن سبيل الله وكفر به كبيران عند الله) ، فحذف الخبر لدلالة الأول عليه، وفيه بعد; لأنه يوجب أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام منه أكبر عند الله من الكفر، وإخراجهم منه إنما هو بعض خلال الكفر; فالوجه ما قدمناه أولا.
وقوله: والفتنة أكبر من القتل أي: والكفر الذي أنتم عليه أيها السائلون- أعظم إثما من القتل في الشهر الحرام الذي أنكرتموه.
وقوله: إن الذين آمنوا والذين هاجروا : سموا مهاجرين; لأنهم يهجرون أهلهم وقومهم.
و(الجهاد) : مأخوذ من (الجهد) ؛ وهو حمل النفس على المشقة.