الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      التفسير:

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ليس عليك هداهم قال ابن عباس : كانوا يكرهون أن يتصدقوا على أقربائهم من المشركين، فرخص الله لهم في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قيل: تكون الصدقة عليهم من الفريضة، وقيل: من التطوع، وذلك مذكور [ ص: 610 ] في مسائل الزكاة في (سورة براءة) [60].

                                                                                                                                                                                                                                      وروي: أنها نزلت في أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وكانت امتنعت من بر جدها أبي قحافة.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جبير : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتصدق على المشركين حتى نزلت الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله : (اللام) متعلقة بقوله: وما تنفقوا من خير .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد : المراد بالآية: المهاجرون من قريش.

                                                                                                                                                                                                                                      قتادة، وابن زيد : معنى أحصروا في سبيل الله : حبسوا أنفسهم عن التصرف في معايشهم خوف العدو.

                                                                                                                                                                                                                                      لا يستطيعون ضربا في الأرض أي: لما قد ألزموا أنفسهم من الجهاد.

                                                                                                                                                                                                                                      يحسبهم الجاهل أي: الجاهل بهم.

                                                                                                                                                                                                                                      تعرفهم بسيماهم قال مجاهد : التواضع، والخشوع.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي : أثر الفاقة والحاجة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد : رثاثة ثيابهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 611 ] و(السيما) بالمد والقصر: العلامة.

                                                                                                                                                                                                                                      لا يسألون الناس إلحافا : (ألحف) ، و (أحفى) ، و (ألح في المسألة) : سواء، واشتقاق (الإلحاف) من اللحاف، سمي بذلك; لاشتماله على وجوه الطلب في المسألة، كاشتمال اللحاف في التغطية.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : معناه: لا يكون منهم سؤال، فيكون إلحاف.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : هو كقولك: (قلما رأيت مثله) ، وأنت لم تر مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      روي عن ابن عباس، وأبي ذر، وأبي أمامة، وغيرهم: أنها نزلت في علف الخيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن ابن عباس : أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كانت معه أربعة دراهم، فأنفق درهما بالليل، ودرهما بالنهار، ودرهما سرا، ودرهما علانية.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس : [المعنى: لا يقومون في الآخرة إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من] مس [ ص: 612 ] الجنون، عن قتادة وغيره، وفي هذا دليل على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن، وزعم أنه من فعل الطبائع، وجعل الله تعالى هذه العلامة لأكلة الربا; وذلك أنه أرباه في بطونهم، فأثقلهم، فهم إذا خرجوا من قبورهم يقومون ويسقطون.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى فله ما سلف أي: ما أخذ، وهو مغفور له.

                                                                                                                                                                                                                                      وأمره إلى الله أي: وأمر الربا إلى الله في المستقبل; إن شاء ثبته على التحريم، وإن شاء أباحه.

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : معنى وأمره إلى الله : الله وليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: أن أمر النهي عن الربا إلى الله تعالى، إن شاء عصمه عن أكله في المستقبل، وإن شاء خذله.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن عاد أي: من عاد إلى العمل به معتقدا استحلاله.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: المعنى: من عاد فقال: إنما البيع مثل الربا; فقد كفر.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل {الربا} : الزيادة، من (ربا يربو) .

                                                                                                                                                                                                                                      يمحق الله الربا أي: يتلفه من غير عوض في الدنيا، ولا ثواب في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      ويربي الصدقات : بتثمير المال في الدنيا، والثواب في الآخرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فأذنوا بحرب من الله ورسوله أي: فأيقنوا أنكم حرب الله، ومن [ ص: 613 ] قرأ: {فآذنوا} ؛ فمعناه: فأعلموا غيركم.

                                                                                                                                                                                                                                      وإن تبتم أي: إن تبتم من الربا; فلكم رءوس أموالكم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية