وقيل: الفرق بينهم وبين قوم فرعون في النجاة والغرق، ومنه قيل ليوم بدر : (يوم الفرقان) .
الفرقان: هو الكتاب، أعيد ذكره تأكيدا. الزجاج:
[ ص: 216 ] وقيل: المعنى: آتينا موسى الكتاب، ومحمدا الفرقان، [واستشهد على ذلك بقول الشاعر: [من الرجز]
(علفتها تبنا وماء باردا)
وقول الآخر: [من الطويل]تراه كأن الله يجدع أنفه وعينيه إن مولاه ثاب له وفر
وقيل: المعنى: وإذ آتينا موسى الكتاب، والإيمان بالفرقان; أي: الفرقان الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم].
فتوبوا إلى بارئكم أي: خالقكم، برأ الله الخلق يبرؤهم، وأصله من (تبرأ الشيء من الشيء) ؛ وهو انفصاله منه، فالخلق قد فصلوا من العدم إلى الوجود.
وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة الآية:
[ ص: 217 ] قيل: إن موسى عليه السلام أسمع السبعين الذين اختارهم كلام الله تعالى، فقالوا له بعد ذلك: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأرسل الله عليهم نارا من السماء، فأحرقتهم، ثم دعا موسى ربه، فأحياهم كما قال: ثم بعثناكم من بعد موتكم ، ومعنى {جهرة} : عيانا، و {الصاعقة} : كل شيء عظيم مهول.
وظللنا عليكم الغمام :
{الغمام} : السحاب الذي يظل، ظللهم الله تعالى به حين شكوا حر الشمس في التيه.
وأنـزلنا عليكم المن والسلوى :
{المن} في قول : الذي يسقط على الشجر، وهو معروف. ابن عباس
: هو الزنجبيل. السدي
: هو صمغة. مجاهد
: هو شراب العسل، كانوا يمزجونه بالماء ويشربونه. الربيع بن أنس
: هو خبز مرقق. وهب بن منبه
وقيل: هو الترنجبين، وقيل: هو العسل، وقيل: هو ما من الله عليهم به من [ ص: 218 ] طعام وغيره.
و {السلوى} : هو طائر كالسمانى.
: هو السمانى نفسه. الضحاك
: هو طير إلى الحمرة، كانت تحشره عليهم الجنوب. قتادة
وواحد {السلوى} عند الخليل : (سلواة) ، وواحده عند كجمعه. الأخفش
: كان المن يسقط عليهم في مجالسهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس كسقوط الثلج، فيأخذ الرجل ما يكفيه ليومه، وإن أخذ أكثر من ذلك فسد. قتادة
وكان بني إسرائيل من الخروج مع موسى إلى ما أمروا به من قتال الجبارين، فتاهوا أربعين سنة في أربعة فراسخ يمشون كل يوم، ويمسون حيث يصبحون، وأمر الله سبب التيه امتناع موسى، فضرب الحجر بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط منهم عين، وكانوا اثني عشر سبطا، فإذا أخذوا من الماء حاجتهم; احتبس، وحملوا الحجر معهم، وكانت ثيابهم فيما روي- لا تتخرق، [ ص: 219 ] ولا تتدنس، وتطول كلما طال الصبيان.
كلوا من طيبات ما رزقناكم قيل: يعني: الحلال، وقيل: الطيب من الرزق.
وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية يعني: بيت المقدس، وسميت القرية قرية; لاجتماع الناس فيها.
و {الباب} الذي أمروا بدخوله: باب حطة، عن وغيره، وقيل: باب القبة التي كان يصلي إليها مجاهد موسى وبنو إسرائيل .
: ركعا، عن ومعنى قوله: {سجدا} وغيره. ابن عباس
روي: أن الباب جعل قصيرا، ليدخلوه ركعا، فدخلوه متوركين على أستاههم.
[ ص: 220 ] وقيل: معنى {سجدا} : خاضعين متواضعين.
وقولوا حطة قال وغيره: معناه: حط عنا ذنوبنا. الحسن،
: أمروا أن يستغفروا. ابن عباس
معناها: لا إله إلا الله. عكرمة:
نغفر لكم خطاياكم (الخطايا) : جمع خطيئة، وتكسيرها مذكور في أصول القراءات في "الكبير".
وسنـزيد المحسنين أي: سنزيدهم إحسانا على الإحسان المتقدم عندهم.
فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم قالوا: (حنطة) مكان (حطة) ؛ استهزاء، عن وغيره. ابن عباس
و (الرجز) : العذاب، عن وغيره. الأخفش
ويقال: بالسين، : (الرجز) : العذاب، (والرجس) : النتن، و (الرجز) أيضا: اسم صنم. الكسائي
وتقدم خبر: وإذ استسقى موسى لقومه ، : استدعى أن يسقى، و (المشرب) : موضع الشرب. ومعنى {استسقى}
[ ص: 221 ] ولا تعثوا في الأرض مفسدين أي: لا تسعوا، عن . ابن عباس
(عثي يعثى عثا) ، وعثا يعثو عثوا، وعاث يعيث عيثا، وعيوثا، ومعاثا; وهو الإسراع في الفساد، ومجيء {مفسدين} بعده تأكيدا.
وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد الآية، طعام واحد : المن والسلوى. المراد بقوله:
وقوله: من بقلها وقثائها (البقل) : كل نبات، و (القثاء) : معروف، الواحد: قثاءة.
و (الفوم) في قول : البر، ابن عباس : الخبز، مجاهد الثوم، فهو على هذا كقولهم: (جدث) ، و (جدف) ، وقيل: إنها في مصحف الضحاك: كذلك. ابن مسعود
[ ص: 222 ] : (الفوم) : الزرع، أو الحنطة، وأزد السراة يسمون السنبل فوما. ابن زيد
عطاء، : (الفوم) : كل حب يختبز. وقتادة
أتستبدلون الذي هو أدنى :
أي: أقل قيمة، وهو مأخوذ من (الدنو) ؛ وهو القرب.
وقيل: هو من (الدون) ، فهو مقلوب، وأصله: (أدون) .
وقيل: هو من (الدناءة) ، فالألف بدل من الهمزة على غير قياس.
اهبطوا مصرا :
وغيره: هي الحسن مصر بعينها، وصرف على أنه اسم للمكان، فإذا جعلته اسما للبقعة; لم يصرف.
وقيل: صرفت لخفتها، فهي مثل: (هند) ، وشبهه.
وغيره: معناه: مصرا من الأمصار، وقيل: المراد به: الشام. مجاهد
وضربت عليهم الذلة أي: الصغار.
{والمسكنة} مصدر (المسكين) ، عن . أبي عبيدة
الحسن، : يعني: الجزية يعطونها عن يد وهم صاغرون. وقتادة
[ ص: 223 ] : {المسكنة} : الفاقة والحاجة. أبو العالية
: هي الخضوع، واشتقاقها من (السكون) . الزجاج
وباءوا بغضب من الله قال : (باء بذنبه) ؛ أي: نزل عن هذه المنزلة، من قولهم: (بوأته منزلا) ، وقيل: معناه: احتملوه. المبرد
ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله أي: استحقوا ذلك بكفرهم، وقيل: المعنى: ذلك لأنهم، فـ (الباء) بمعنى (اللام) .
ويقتلون النبيين النبيء: مشتق من (النبإ) ؛ وهو الخبر، فهو مخبر عن الله عز وجل، وهو بغير همز مخفف من المهموز، وقيل: هو إذا لم يهمز من (نبا ينبو) ؛ إذا ارتفع.
[وقال: بغير حق ، وقتل الأنبياء لا يكون إلا بغير حق، كما تقول العرب: (فلان لا يرجى خيره) ، وهو لا خير فيه، وقيل: (ما رأيت كذا) ، وهو لم يره، وكذلك قوله: ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به [المؤمنون: 117]، ودعاء إله آخر مع الله لا يكون إلا بغير برهان]، [ونظائره كثيرة، وهو مذهب [ ص: 224 ] معروف في اللغة].
ومعنى (الاعتداء) : التجاوز في الباطل.