وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم قال ابن عباس : هؤلاء قوم من اليهود، نافقوا بعد إسلامهم، فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذب به آباؤهم، فقال لهم اليهود: أتحدثونهم بما فتح الله عليكم من العذاب; ليقولوا: نحن أكرم على الله منكم؟
قتادة : كانوا يقولون: سيكون منا نبي.
[ ص: 255 ] ابن زيد : قال لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم بني قريظة: "يا إخوة القردة والخنازير"، فقالوا: ما خرج هذا الخبر إلا من عندنا.
ومعنى {فتح} : حكم، ويكون (الفتح) بمعنى: النصر، وبمعنى: الفرق بين الشيئين.
ومعنى عند ربكم أي: في الآخرة، وقيل: عند ذكر ربكم.
الحسن : {عند} بمعنى: (في) ، والمعنى ليحاجوكم به في ربكم، فيكونوا أولى به منكم.
أفلا تعقلون خطاب من بعض المنافقين لبعض في قول قتادة وغيره.
الحسن : رجع القول إلى المؤمنين، فقال: أفلا تعقلون أنهم لا يؤمنون؟ أولا يعلمون استفهام معناه التوبيخ.
ومنهم أميون والضمير في {ومنهم} لليهود، وقيل لليهود والمنافقين.
و (الأميون) : منسوبون إلى ما عليه الأمة من أنهم لا يحسنون الكتابة.
وقيل: نسبوا إلى (الأم) ، كأن الأمي منسوب إلى ما ولدته أمه من أنه لا يكتب.
[ ص: 256 ] وقيل: قيل لهم: أميون; لنزول الكتاب عليهم، كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب، فكأنه قال: ومنهم أهل الكتاب لا يعلمون الكتاب.
عكرمة، والضحاك : هم نصارى العرب.
ابن عباس : هم قوم لم يؤمنوا برسول ولا كتاب، فكتبوا كتابا وقالوا: هذا من عند الله، فسموا أميين; لجحودهم الكتاب، فصاروا بمنزلة من لا يحسن شيئا.
وقيل: هم قوم من أهل الكتاب، رفع كتابهم لذنوب أحدثوها، فصاروا أميين.
وروي عن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) : أنهم المجوس.
ومعنى إلا أماني : قيل: تلاوة، كانوا يتلونه ولا يعلمون ما فيه، [ ص: 257 ] ومنه قوله: ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ، قاله أبو عبيدة، والفراء .
وقيل: معناه إلا كذبا; أي: لكنهم يكذبون على الله تعالى، من قولهم: (أنت تتمنى هذا) ؛ أي: تختلقه، عن ابن عباس ومجاهد .
وقيل: هو من التمني بمعنى: التشهي، عن قتادة وابن زيد .
قال مجاهد : يقولون: في التوراة كذا، لما ليس فيها، فكأنهم يتمنون (أن يكون) في التوراة ما ليس فيها.
وقال ابن زيد : هم قوم يقولون: نحن من أهل الكتاب; تمنيا، وليسوا منهم.
وإن هم إلا يظنون أي: يدفعون نبوتك بالظن، عن ابن عباس، و (إن) بمعنى: (ما) .
مجاهد : معنى {يظنون} : يكذبون.


