الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 333 ] ولقد علموا لمن اشتراه (من): بمعنى (الذي): مبتدأة، والخبر: وما له في الآخرة من خلاق ، و (من): زائدة للتوكيد، ولام لقد: للقسم، ولام (لمن): للتأكيد، هذا مذهب سيبويه، وأكثر النحويين، وإحدى الجملتين عند سيبويه مقسم عليها، وهي: ولقد علموا ، والتقدير: (والله لقد علموا) والجملة الثانية عنده غير مقسم عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الفراء أن تكون الجملتان مقسما عليهما، وتكون (من) للشرط.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم ذكر الضمائر في (علموا)، (وشروا)، و (كانوا يعلمون).

                                                                                                                                                                                                                                      لمثوبة من عند الله خير ، ابتداء وخبر و (اللام): لام الابتداء، دخلت على الاسم؛ كقولك: (علمت لزيد خير منك).

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (مثوبة) جاء بها على أصلها، وهو شاذ، وكان ينبغي أن يعل؛ فيكون: (مثابة).

                                                                                                                                                                                                                                      لا تقولوا راعنا : من قرأ بغير تنوين؛ فهو على ما تقدم، ومن نون؛ [ ص: 334 ] فالمعنى: (لا تقولوا: رعونة)، ونصبه بالقول، أو على المصدر، و (الرعونة): الحمق، وأصله: الاضطراب؛ ولذلك سمي السراب: رعنا).

                                                                                                                                                                                                                                      ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير : من قرأ: (ننسخ) ؛ فمعناه: ما نجده منسوخا، وإنما نجده كذلك بنسخه إياه، و (ننسخ) على ما قدمناه في التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم (ننسئها) و (ننسها)، ومن قرأ: (ننسها) ؛ فهو (نفعلها) من النسيان، ومن قرأ: (تنسها) ؛ فالمعنى: (أو تنسها أنت يا محمد)، وكذلك [ ص: 335 ] من بناه للمفعول فقرأ: (تنسها)، والله هو الذي ينسيه إياها.

                                                                                                                                                                                                                                      كما سئل موسى من قبل : من قرأ: (سئل) ؛ جاز أن يكون على لغة من قال: (سلت، تسال)، وجاز أن يكون - على لغة من همز- أبدل الهمزة ياء ساكنة على غير قياس، فانكسرت السين قبلها.

                                                                                                                                                                                                                                      حسدا من عند أنفسهم} : (حسدا): مفعول له؛ أي: ودوا ذلك للحسد، أو مصدر دل ما قبله على الفعل.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم تعلق (من عند أنفسهم) بما يتعلق به.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه : موضع (أن) نصت على تقدير حذف (من)، أو على تقدير: كراهة أن يذكر، أو على البدل من (مساجد).

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 336 ] وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه حذف الواو وإثباتها سواء لالتباس الجملة الثانية بالأولى.

                                                                                                                                                                                                                                      فإنما يقول له كن فيكون : الرفع من وجهين: الاستئناف، والعطف على (يقول).

                                                                                                                                                                                                                                      والنصب حملا على لفظ (كن) ؛ لأنه جاء بلفظ الأمر، فشبه بالأمر الحقيقي، ولا يصح نصبه على جواب الأمر الحقيقي؛ لأن ذلك إنما يكون فيما هو على فعلين في الحقيقة؛ نحو: (إيتني فأكرمك)، فأما (كن فيكون) ؛ فلو قدر ذلك التقدير؛ لصار: (إن يكن يكن)، وذلك غير مفيد.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما الذي في (النحل)، و (يس) ؛ فالنصب فيه ظاهر؛ لأن قبله: (أن يقول له) [يس: 82].

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (ولا تسأل عن أصحاب الجحيم): الجزم على النهي الحقيقي، على ما قدمناه في التفسير، أو على النهي الذي معناه تفخيم ما أعد لأصحاب الجحيم؛ كقول القائل: (لا تسأل عن فلان) ؛ إخبارا عن المبالغة فيما صار إليه من خير أو شر.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 337 ] ومن رفع؛ احتمل أن يكون استئنافا لا موضع له من الإعراب، واحتمل أن يكون حالا، التقدير: (أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا، وغير مسؤول عن أصحاب الجحيم).

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية