; ولذلك روي عن عمر بن ذر أنه مات واحد من جيرانه وكان مسرفا على نفسه فتجافى كثير من الناس عن جنازته فحضرها هو وصلى عليها فلما دلي في قبره وقف على قبره وقال : يرحمك الله يا أبا فلان فلقد صحبت عمرك بالتوحيد وعفرت وجهك بالسجود ، وإن قالوا : مذنب وذو خطايا فمن منا غير مذنب وغير ذي خطايا ؟ ويحكى أن رجلا من المنهمكين في الفساد مات في بعض نواحي البصرة فلم تجد امرأته من يعينها على حمل جنازته إذ لم يدر بها أحد من جيرانه لكثرة فسقه فاستأجرت حمالين وحملتها إلى المصلى فما صلى عليه أحد فحملتها إلى الصحراء للدفن فكان ، على جبل قريب من الموضع زاهد من الزهاد الكبار فرأته كالمنتظر للجنازة ، ثم قصد أن يصلي عليها ، فانتشر الخبر في البلد بأن الزاهد نزل ليصلي على فلان فخرج أهل البلد فصلى الزاهد وصلوا عليه وتعجب الناس من صلاة الزاهد عليه فقال : قيل لي في المنام انزل إلى موضع فلان ترى فيه جنازة ليس معها أحد إلا امرأة فصل عليه فإنه مغفور له فزاد تعجب الناس فاستدعى الزاهد امرأته وسألها عن حاله وأنه كيف كانت سيرته قالت كما عرف كان طول نهاره في الماخور مشغولا بشرب الخمر فقال : انظري هل تعرفين منه شيئا من أعمال الخير ؟ قالت : نعم ثلاثة أشياء كان كل يوم يفيق من سكره وقت الصبح يبدل ثيابه ويتوضأ ويصلي الصبح في جماعة ، ثم يعود إلى الماخور ويشتغل بالفسق والثاني أنه كان أبدا لا يخلو بيته من يتيم أو يتيمين وكان إحسانه إليهم أكثر من إحسانه إلى أولاده ، وكان شديد التفقد لهم .
والثالث أنه كان يفيق في أثناء سكره في ظلام الليل فيبكي ويقول : يا رب أي زاوية من زوايا جهنم تريد أن تملأها بهذا الخبيث ، يعني نفسه .
فانصرف الزاهد وقد ارتفع إشكاله من أمره .
وعن صلة بن أشيم وقد دفن أخ له فقال على قبره .
:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا أخالك ناجيا
.