واعلم أن المؤمن ينكشف له عقيب الموت من سعة جلال الله ما تكون الدنيا بالإضافة إليه كالسجن والمضيق .
ويكون مثاله كالمحبوس في بيت مظلم فتح له باب إلى بستان واسع الأكناف لا يبلغ طرفه أقصاه فيه أنواع الأشجار والأزهار والثمار والطيور فلا يشتهي العود إلى السجن المظلم وقد ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلا فقال لرجل مات : أصبح هذا مرتحلا عن الدنيا وتركها لأهلها فإن كان قد رضي فلا يسره أن يرجع إلى الدنيا كما لا يسر أحدكم أن يرجع إلى بطن أمه فعرفك بهذا أن نسبة سعة الآخرة إلى الدنيا كنسبة سعة الدنيا إلى ظلمة الرحم وقال صلى الله عليه وسلم: إن مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج من بطنها بكى على مخرجه ، حتى إذا رأى الضوء ورضع لم يحب أن يرجع إلى مكانه ، وكذلك المؤمن يجزع من الموت فإذا أفضى إلى ربه لم يحب أن يرجع إلى الدنيا كما لا يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه أشار بالمستريح إلى المؤمن وبالمستراح منه إلى الفاجر إذ يستريح أهل الدنيا منه وقال أبو عمر : صاحب السقيا مر بنا ابن عمر ونحن صبيان فنظر إلى قبر فإذا جمجمة بادية فأمر رجلا فواراها ، ثم قال : إن هذه الأبدان ليس يضرها هذا الثرى شيئا ، وإنما الأرواح التي تعاقب وتثاب إلى يوم القيامة وعن عمرو بن دينار قال : ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وإنهم ليغسلونه ويكفنونه وإنه لينظر إليهم وقال وقيل لرسول ، الله صلى الله عليه وسلم : إن فلانا قد مات فقال : مستريح أو مستراح منه بلغني أن مالك بن أنس وقال النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول : ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب يمور في جوها فالله الله في إخوانكم من أهل القبور فإن أعمالكم تعرض عليهم وقال أبو هريرة قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أرواح المؤمنين مرسلة تذهب حيث شاءت لا تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم ، فإنها تعرض على أوليائكم من أهل القبور ولذلك قال أبو الدرداء اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا أخزى به، عن عبد الله بن رواحة وكان قد مات وهو خاله وسئل عن أرواح المؤمنين إذا ماتوا أين هي ؟ قال : في حواصل طير بيض في ظل العرش وأرواح الكافرين في الأرض السابعة . عبد الله بن عمرو بن العاص