قال مقاتل: الصور هو القرن ، وذلك أن إسرافيل عليه السلام واضع فاه على القرن كهيئة البوق ودائرة رأس القرن كعرض السماوات والأرض وهو شاخص بصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ النفخة الأولى ، فإذا نفخ صعق من في السماوات والأرض أي : مات كل حيوان من شدة الفزع إلا من شاء الله وهو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت .
ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح جبريل ، ثم روح ميكائيل ، ثم روح إسرافيل ، ثم يأمر ملك الموت فيموت .
ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة ، ثم يحيي الله تعالى إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية ؛ فذلك قوله تعالى ، ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون على أرجلهم ينظرون إلى البعث وقال : صلى الله عليه وسلم حين بعث إلي بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه وقدم رجلا وأخر أخرى ينتظر متى يؤمر بالنفخ ألا فاتقوا النفخة فتفكر في الخلائق وذلهم وانكسارهم واستكانتهم عند الانبعاث خوفا من هذه الصعقة وانتظارا لما يقضي عليهم من سعادة أو شقاوة وأنت فيما بينهم منكسر كانكسارهم متحيرا كتحيرهم .
بل إن كنت في الدنيا من المترفهين والأغنياء المتنعمين ؛ فملوك الأرض في ذلك اليوم أذل أهل أرض الجمع وأصغرهم وأحقرهم يوطئون بالأقدام مثل الذر وعند ذلك تقبل الوحوش من البراري والجبال منكسة رءوسها مختلطة بالخلائق بعد توحشها ذليلة ليوم النشور من غير خطيئة تدنست بها ، ولكن حشرتهم شدة الصعقة وهول النفخة ، وشغلهم ذلك عن الهرب من الخلق والتوحش منهم ، وذلك وإذا الوحوش حشرت ثم أقبلت الشياطين المردة بعد تمردها وعتوها وأذعنت خاشعة من هيبة العرض على الله تعالى تصديقا لقوله تعالى : قوله تعالى : فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا فتفكر في حالك وحال قلبك هنالك .