وقد قال بعض العلماء في قوله تلفح وجوههم النار إنها لفحتهم لفحة واحدة ، فما أبقت لحما على عظم إلا ألقته عند أعقابهم .
ثم انظر بعد هذا في نتن الصديد الذي يسيل من أبدانهم حتى يغرقون فيه ، وهو الغساق قال أبو سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهذا شرابهم إذا استغاثوا من العطش ، فيسقى أحدهم من ماء صديد ، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان ، وما هو بميت وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا . لو أن دلوا من غساق جهنم ألقي في الدنيا لأنتن أهل الأرض
ثم انظر إلى طعامهم ، وهو الزقوم كما قال الله تعالى : ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم وقال تعالى : إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رءوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم وقال تعالى : تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية وقال تعالى : إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا ، أفسدت على أهل الدنيا معايشهم ، فكيف من يكون طعامه ذلك وقال ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنس ارغبوا فيما رغبكم الله ، واحذروا ، وخافوا ما خوفكم الله به من عذابه ، وعقابه ، ومن جهنم ، فإنه لو كانت قطرة من الجنة معكم في دنياكم التي أنتم فيها طيبها لكم ، ولو كانت قطرة من النار معكم في دنياكم التي أنتم فيها خبثتها عليكم .
وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو الدرداء حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيستغيثون بالطعام ، فيغاثون بطعام من ضريع يلقى على أهل النار الجوع ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، ويستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون كما كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بشراب ، فيستغيثون بشراب فيرفع إليهم الحميم ، بكلاليب الحديد ، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخل الشراب بطونهم ، قطع ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم ، قال : فيدعون خزنة جهنم ، أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ، فيقولون : أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ، قال : فيقولون : ادعوا مالكا فيدعون ، فيقولون : يا مالك ليقض علينا ربك قال ، فيجيبهم : إنكم ماكثون قال أنبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام قال : الأعمش ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال : فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون .
قال : فعند ذلك يئسوا من كل خير ، وعند ذلك أخذوا في الزفير ، والحسرة ، والويل . فيقولون : ادعوا ربكم ، فلا أحد خير من ربكم ، فيقولون :
وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : أبو أمامة ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه قال : يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، فوقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه ، حتى يخرج من دبره ، يقول الله تعالى : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال تعالى : وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه فهذه طعامهم ، وشرابهم ، عند جوعهم ، وعطشهم .
فانظر الآن إلى وإلى شدة سمومها ، وعظم أشخاصها ، وفظاظة منظرها ، وقد سلطت على أهلها ، وأغريت بهم ، فهي لا تفتر عن النهش واللدغ ، ساعة واحدة قال حيات جهنم ، وعقاربها ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبو هريرة ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله الآية وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا له زبيبتان ، يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهازمه يعني أشداقه ، فيقول : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا قوله تعالى : إن في النار لحيات مثل أعناق البخت اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا وهذه الحيات والعقارب إنما تسلط على من سلط عليه في الدنيا البخل ، وسوء الخلق ، وإيذاء الناس ، ومن وقي ذلك وقي هذه الحيات فلم تمثل له . يلسعن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا ، وإن فيها لعقارب كالبغال الموكفة يلسعن