الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
ثم انظر إلى أبواب الجنة ، فإنها كثيرة بحسب أصول الطاعات ، كما أن أبواب النار بحسب أصول المعاصي قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي ، من أبواب الجنة كلها ، وللجنة ثمانية أبواب ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الصيام ، دعي من باب الصيام ، ومن كان من أهل الصدقة ، دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : والله ما على أحد من ضرورة من أيها دعي ، فهل يدعى أحد منها كلها ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم وعن عاصم بن ضمرة عن علي كرم الله وجهه أنه ذكر النار فعظم أمرها ذكرا لا أحفظه ، ثم قال : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها ، وجدوا عنده شجرة ، يخرج من تحت ساقها ، عينان تجريان ، فعمدوا إلى إحداهما ، كما أمروا به ، فشربوا منها ، فأذهبت ما في بطونهم من أذى ، أو بأس ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتطهروا منها ، فجرت عليهم نضرة النعيم ، فلم تتغير أشعارهم بعدها أبدا ، ولا تشعث رءوسهم ، كأنما دهنوا بالدهان . ثم انتهوا إلى الجنة فقال لهم خزنتها : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان ، يطيفون بهم ، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحبيب يقدم عليهم من غيبة يقولون له : أبشر أعد الله لك من الكرامة كذا قال فينطق ، غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين ، فيقول : قد جاء فلان ، باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا ، فتقول : أنت رأيته ؟ فيقول : أنا رأيته وهو بأثري فيستخفها الفرح ، حتى تقوم إلى أسكفة بابها . فإذا انتهى إلى منزله ، نظر إلى أساس بنيانه ، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أحمر ، وأخضر ، وأصفر من ، كل لون ، ثم يرفع رأسه ، فينظر إلى سقفه ، فإذا مثل البرق ، ولولا أن الله تعالى قدره لألم أن يذهب بصره ثم يطأطئ رأسه ، فإذا أزواجه ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ، ثم اتكأ ، فقال : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا ، وتقيمون فلا تظعنون أبدا ، وتصحون فلا تمرضون أبدا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن من أنت فأقول : محمد فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك .

التالي السابق


(ثم انظر إلى أبواب الجنة، فإنها كثيرة) ، لا تحصر، وكثرتها (بحسب أصول الطاعات، كما أن أبواب النار بحسب أصول المعاصي) ، وقد استدل المصنف على تعددها بالأخبار، فقال: (قال أبو هريرة ) -رضي الله عنه-: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة كلها، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة، دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: والله ما على أحد من ضرورة من أيها دعي، فهل يدعى أحد منها كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم) . رواه مالك، والشيخان، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، ولفظهم: من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي من أبواب الجنة، يا عبد الله، هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة... إلخ. ولفظ ابن حبان : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دعي من أبواب الجنة، يا عبد الله، هذا خير، وللجنة أبواب... إلخ. وفي لفظ: فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة، فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ فهذا الحديث دال على أن كثرة الأبواب، بحسب أصول الطاعات، والمشهور أن: أبواب الجنة ثمانية أبواب، منها باب يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون، فإذا دخل أحدهم أغلق فلا يدخل منه أحد. وبما في الصحيح، من حديث عمر : ما منكم من أحد يتوضأ، فيسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء. ورواه الترمذي بنحوه، إلا أنه قال: من أبواب الجنة. بزيادة: من. قال القرطبي : وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية .

وفي خبر آخر عند ابن ماجه : ما من مسلم يتوفى له ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث، إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية، من أيها شاء دخل .

ومن أبواب الجنة: الباب الأيمن، تقدم ذكره في حديث أبي هريرة، وباب هذه الأمة، فقد روى ابن أبي شيبة، من حديث أبي هريرة : أتاني جبريل فأخذ بيدي، وأراني باب الجنة، الذي يدخل منه أمتي، فقال أبو بكر: يا رسول الله، وددت أن أكون معك; حتى أنظر إليه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: أما إنك يا أبا بكر، أول من يدخل الجنة من أمتي. وقد دل هذا على: أن لهذه الأمة بابا مختصا يدخلون منه الجنة دون سائر الأمم .

وباب محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو باب الرحمة، وباب التوبة، وباب الضحى، وقد روى الديلمي، من حديث أبي هريرة : إن للجنة بابا يقال له الضحى، لا يدخل منه إلا أصحاب الضحى . فهذه خمسة أبواب، تضاف إلى الثمانية، فتبلغ ثلاثة عشر بابا، ولعل القرطبي لحظ إلى هذا، فقال: وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر بابا، والله أعلم .

(وعن عاصم بن ضمرة ) السلوي الكوفي، صدوق، مات سنة أربع وسبعين، روى له الأربعة، (عن علي -كرم الله وجهه- أنه ذكر النار فعظم أمرها ذكرا لا أحفظه، ثم قال: وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ) [ ص: 526 ] حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها الآيات، وهذا بعد أن قال: وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا فلا جرم أن المراد بالمتقين هنا الموحدون، إلا أن الموحد الكامل يتقي المعاصي كما يتقي الشرك .

(حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها، وجدوا عنده شجرة، يخرج من تحت ساقها، عينان تجريان، فعمدوا) ، أي: قصدوا (إلى إحداهما، كما أمروا به، فشربوا منها، فأذهبت ما في بطونهم من أذى، أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم تتغير أشعارهم بعدها أبدا، ولا تشعث رؤسهم، كأنما دهنوا بالدهان .

ثم انتهوا إلى) خزنة (الجنة، فقالوا: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان، يطيفون بهم، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم) ، أي: القريب (يقدم عليهم من غيبة) ، أي: من سفر غاب فيه، (يقولون له: أبشر) ، فقد (أعد الله لك من الكرامه كذا، فينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: قد جاء فلان، باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا، فتقول: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته وهو بأثري) ، أي: خلفي يتبعني، (فيستخفها الفرح، حتى تقدم إلى أسكفة بابها .

فإذا انتهى إلى منزله، نظر إلى أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أحمر، وأخضر، وأصفر، ومن كل لون، ثم يرفع رأسه، فينظر إلى سقفه، فإذا مثل البرق، ولولا أن الله تعالى قدره) ، أي: أمسكه بقدرته، (لألم) ، أي: لقرب، وكاد (أن يذهب بصره) من شعاع السقف .

(ثم يطأطئ رأسه، فإذا أزواجه، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، ثم اتكأ على أرائكه، فقال: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تظعنون أبدا، وتصحون فلا تمرضون أبدا) .

هكذا أورده موقوفا عن علي -رضي الله عنه- أخرجه ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبغوي في الجعديات، وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم في صفة الجنة، والبيهقي في الشعب، والضياء، كلهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحق، عن عاصم بن ضمرة، وسياق المصنف هو سياق أبي بكر بن أبي شيبة، رواه عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحق، ولفظ بعضهم: يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا، حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها، وجدوا عنده شجرة تخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما فشربوا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، فلن تعفر أبدانهم بعدها أبدا، ولم تشعث أشعارهم، كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة . ثم ساقوه مثل سياق المصنف .

وقال الشيخ ناصر الدين بن الميلق الشاذلي، في كتابه حادي القلوب إلى لقاء المحبوب، ما نصه: وروى ابن أبي الدنيا، بسنده إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن هذه الآية، يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال: قلت: يا رسول الله، ما الوفد إلا ركب، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده، إنهم إذا خرجوا من قبورهم، استقبلوا بنوق بيض، لها أجنحة، عليها رحال الذهب، شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مثل مد البصر، وينتهون إلى باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء، على صفائح الذهب، وإذا شجرة على باب الجنة، تنبع من أصلها عينان، فإذا شربوا من إحداهما، جرت في وجوههم نضرة النعيم، وإذا توضؤا من الأخرى، لم تشعث أشعارهم أبدا، فيضربون الحلقة بالصفحة فلو سمعت طنين الحلقة! فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتستحثها العجلة، فتبعث قيمها، فيفتح له الباب، فلولا أن الله -عز وجل- عرفه نفسه لخر له ساجدا، مما يرى من النور، والبهاء، فيقول: أنا قيمك الذي وكلت بأمرك، فيتبعه فيقفوا أثره، فيأتي زوجته، فتستحثها العجلة، فتخرج من الخيمة، تعانقه، وتقول: أنت حبي، وأنا حبك، وأنا الراضية فلا أسخط أبدا، وأنا الناعمة، فلا أبأس أبدا، وأنا الخالدة، فلا أظعن أبدا، فيدخل بيتا من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع، مبني على جندل اللؤلؤ والياقوت، طرائق حمر، وطرائق خضر، وطرائق صفر، ما منها طريقة تشاكل صاحبتها، فيأتي الأريكة، فإذا عليها سرير، على السرير سبعون فراشا، عليها سبعون زوجة، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من باطن الجلد، يقضي جماعهن في مقدار ليلة .

تجري من تحتهم أنهار مطردة، من ماء صاف، غير آسن، ليس فيه كدر، وأنهار من عسل مصفى، لم يخرج من بطن النحل، وأنهار من خمر لذة للشاربين، لم تعصره الرجال بأقدامهم، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم [ ص: 527 ] يخرج من بطن الماشية .

فإذا اشتهوا الطعام، جاءتهم طير بيض، فترفع أجنحتها، فيأكلون من جنوبها، من أي الألوان شاؤوا، ثم تطير، فتذهب وفيها ثمار مدلاة، إذا اشتهوها انبعث الغصن إليهم، فيأكلون من أي الثمار شاؤوا، إن شاؤوا قائمين، وإن شاؤوا نياما، وإن شاؤوا متكئين، وذلك قوله تعالى: وجنى الجنتين دان وبين أيديهم خدم كاللؤلؤ
.

قلت: هذا السياق رواه ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، من طرق، عن علي، ورواه ابن أبي حاتم، من طريق سلمة بن جعفر البجلي، قال: سمعت أبا معاذ البصري، أن عليا قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفسي بيده، إنهم إذا خرجوا من قبورهم، يستقبلون بنوق بيض... إلخ. قال ابن الميلق: وهذا الحديث وإن كان إسناده ضعيفا -والمعروف أنه موقوف على علي - -رضي الله عنه- فله شواهد من الأحاديث الصحيحة، وهو جامع لكثير من أمور الجنة، قال: وقوله: وجدوا بابا فيه حلقة من ياقوتة حمراء، على صفائح الذهب، فهو محمول على الباب الكبير الشامل لجميع جنات المؤمنين، الذي هو باب الجنة الكبرى، فإن ذلك الباب يفتحه النبي -صلى الله عليه وسلم- أولا، ثم يصير مفتوحا للمؤمنين .

(وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: آتي يوم القيامة باب الجنة) . كذا في النسخ، وفي لفظ: بتقديم باب الجنة على يوم القيامة. المعنى: أجيء بعد الانصراف من الحشر للحساب، إلى أعظم المنافذ التي يتوصل منها إلى دار الثواب، وهو باب الرحمة، أو باب التوبة، وفي الإتيان إشعار بأن مجيئه يكون بصفة من ألبس خلعة الرضوان، فجاء على تمهل وأمان، من غير نصب في الإتيان، إذ الإتيان هو المجيء بسهولة، والمجيء أعم كما بيناه في شرح القاموس .

(فأستفتح) أي: أطلب انفراجه، وإزالة غلقه، بالقرع، لا بالصوت; لما في الخبر: آخذ بحلقة الباب، فأقرع. وفي خبر آخر: أنا أول من يدق باب الجنة. والفاء سببية، أي: تسبب عن الإتيان الاستفتاح، أو للتعقيب، وهو الأوجه، وفيه إشارة إلى: أن الله سبحانه- قد صان نبيه -صلى الله عليه وسلم- عن ذل الوقوف، وأذن له في الدخول ابتداء، بحيث صار الخازن مأموره، منتظرا قدومه، (فيقول الخازن) ، أي: الموكل بحفظ الجنة، وهم كثيرون، ومقدمهم رضوان عليهم السلام: (من أنت) ؟ أجاب بالاستفهام، وأكده بالخطاب، تلذذا بمناجاته، وإلا فأبواب الجنة شفافة، وهو العلم الذي لا يشتبه، والمتميز الذي لا يلتبس، وقد رآه الخازن قبل ذلك، وعرفه أتم معرفة، ومن ثم اكتفى بقوله: (فأقول: محمد) ، وإن كان المسمى كثيرا; أو لم يقل: أنا؛ لإبهامه، مع ما فيه من الإشعار بتعظيم المرء نفسه، وهو سيد المتواضعين، (فيقول) الخازن: (بك أمرت) ، الباء متعلقة بالفعل بعدها، ثم هي إما سببية قدمت للتخصيص، أي: بسببك خاصة، أو صلة للفعل، وأمرت: بالبناء للمفعول، والفاعل: الله، (أن لا أفتح لأحد) من الخلق (قبلك) ، أي: أمرت بفتح الباب لك قبل غيرك من الأنبياء، وقوله: أن لا أفتح. هكذا في نسخ الكتاب، ومثله في الجامعين الصغير والكبير للسيوطي، قال المناوي: والذي وقفت عليه فى نسخ صحيح مسلم المصححة المقروءة: لا أفتح، بإسقاط: أن ، قال العراقي : رواه مسلم من حديث أنس، اهـ .

قلت: وكذلك رواه أحمد، وعبد بن حميد، وابن منيع، وروى الحاكم من حديث معاذ : آتي باب الجنة، فأستفتح، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمد، فيقال: مرحبا بمحمد، فإذا رأيت ربي خررت له ساجدا، أنظر إليه، قال الحاكم : على شرطهما، وتعقب: بأن فيه انقطاعا .

وروى ابن النجار، من حديث ابن عباس : آتي يوم القيامه باب الجنة، فيفتح لي، فأرى ربي، وهو على كرسيه، فيتجلى لي فأخر ساجدا.



(فصل)

وحيث ذكر المصنف أبواب الجنة، وما يتعلق بها، فلنذكر اتساعها، روى أحمد، من حديث معاوية بن حيدة : ما بين مصراعين من مصاريع الجنة أربعون عاما، وليأتين عليه يوم، وإنه لكظيظ. وفي رواية له: باب أمتي الذين يدخلون منه الجنة عرضه مسيرة الراكب ثلاثا، ثم إنهم لا يضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول.

وللشيخين من حديث أبي هريرة : والذي نفس محمد بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة، كما بين مكة وهجر، وفي رواية: لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى. وتقدم للمصنف .

وروى ابن أبي شيبة، عن عتبة بن غزوان، أنه خطب فقال: إن ما بين المصراعين من أبواب الجنة مسيرة أربعين، وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس منها باب إلا وهو كظيظ.

وعن كعب الأحبار قال: ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا للراكب المجد، وليأتين عليهم يوم وهو كظيظ الزحام.

قال صاحب حادي القلوب: إن أبواب الجنة بعضها فوق بعض، كما أن الجنان بعضها فوق بعض .

وقد صرح علي -رضي [ ص: 528 ] الله عنه- في ارتفاع أبواب الجنة، بأن بعضها فوق بعض، وإذا كان كذلك، فالظاهر كما نبه عليه بعضهم: أن باب الجنة المرتفعة أوسع من الجنة التي تحتها، والله أعلم .




الخدمات العلمية