فصل
فمن كما قال ابن عباس في الحديث المتفق عليه ، وقال: اجتاز بالمواقيت لقصد الحج والعمرة، فعليه الإحرام بالسنة المستفيضة واتفاق العلماء، المدينة ذا الحليفة، وأهل الشام الجحفة، وأهل نجد قرنا، وأهل اليمن يلملم، وقال: "هن لهن ولكل آت أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك [ ص: 206 ] فمن أهله، حتى أهل مكة يهلون منها". وقت لأهل
وإذا اجتاز بالمواقيت لا يريد الحرم، فليس عليه الإحرام بالاتفاق.
وإن اجتاز بها يريد مكة لتجارة أو زيارة أو غير ذلك مما لا يتكرر، فإنه ينبغي له أن يدخل محرما بحج أو عمرة. وهل ذلك واجب؟ فيه قولان للعلماء، والجمهور على الوجوب، وهو مأثور عن حكاه عنه ابن عباس، وغيره، وهذا مذهب أحمد مالك وهو المشهور في مذهب وأبي حنيفة، الشافعي وعنهما أن ذلك مستحب. وأحمد.
ومن قال بالوجوب تنازعوا فيما إذا ترك ذلك، هل يلزمه القضاء؟
فأوجبه ولم يوجبه الباقون. وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ممن يريد الحج والعمرة" لا ينافي هذا القول، فإن هؤلاء يوجبون عليه أن يريد الحج أو العمرة، لكن الحديث فيه نفي ذلك عمن لا يريده، مثل المجتاز بالمواقيت إلى غير أبو حنيفة، مكة.
ولو كان منزله بالمواقيت أو دونها لم يوجب عليه الإحرام، وأوجبه مالك أبو حنيفة والشافعي - على قولهما بالوجوب -، وقد حكى وأحمد الأول عن الطحاوي مالك.
إلا عام الفتح، فإنه دخل وعلى رأسه المغفر ، ولم يكن محرما، لأن الله أحل له القتال فيها يومئذ، وقال: والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو وخلفاؤه لم يدخل أحد منهم مكة إلا محرما، . وقال: "فإن [ ص: 207 ] أحد ترخص بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا: إنما أحلها الله لرسوله، ولم يحلها لك، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها أمس" . "إنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار"