وأما ولهذا من يتبع المنقول الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه وأصحابه وأئمة أهل [ ص: 88 ] بيته -مثل الإمام العالم العادل فلا يقول إلا الحق، ولا يتبع إلا إياه، وابنه الإمام علي بن الحسين زين العابدين، وابنه الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر، أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق شيخ علماء الأمة- ومثل مالك بن أنس وطبقتهما، وجد ذلك جميعه متفقا مجتمعا في أصول دينهم وجماع شريعتهم، ووجد في ذلك ما يشغله وما يغنيه عما أحدثه كثير من المتأخرين من أنواع المقالات التي تخالف ما كان عليه أولئك السلف، ممن ينتصب لعداوة آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويبخسهم حقوقهم ويؤذيهم، أو ممن يغلو فيهم غير الحق، ويفتري عليهم الكذب، ويبخس السابقين والطائعين حقوقهم. والثوري
ورأى أن في المأثور عن أولئك السلف في باب التوحيد والصفات، وباب العدل والقدر، وباب الإيمان والأسماء والأحكام، وباب الوعيد والثواب والعذاب، وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يتصل به من حكم الأمراء أبرارهم وفجارهم، وحكم الرعية معهم، والكلام في الصحابة والقرابة-: ما يبين لكل عاقل عادل أن السلف المذكورين لم يكن بينهم من النزاع في هذه الأبواب إلا من جنس النزاع الذي أقرهم عليه الكتاب والسنة كما تقدم ذكره، وأن البدع الغليظة المخالفة للكتاب والسنة واتفاق أولي الأمر الهداة المهتدين إنما حدثت من الأخلاف، وقد يعزون بعض ذلك إلى بعض الأسلاف، تارة بنقل غير ثابت، وتارة بتأويل لشيء من كلامهم متشابه. [ ص: 89 ]