واختلفوا في إلا النجاة من العذاب؟ على قولين: الأول قول الجمهور من الجن هل يثابون أو لا ثواب لهم المالكية والشافعية والحنبلية وأبي يوسف ومحمد وغيرهم. والثاني مأثور عن طائفة، منهم أبو حنيفة.
وقد اختلف في أصول الفقه: هل من شرط الوجوب العقاب على الترك؟ على قولين. وأما الثواب على الفعل فهو واجب، إما بالسمع، وإما بمجرد الإيجاب.
المسألة الثانية
أن من لا تكليف عليه هل يبعث يوم القيامة؟
فأما الإنس والجن فيبعثون جميعا باتفاق الأمة، ولم يختلفوا [ ص: 232 ] -فيما علمت- إلا فيمن لم ينفخ فيه الروح: هل يبعث؟ على قولين. وبعثه اختيار القاضي وكثير من الفقهاء، وذكر أنه ظاهر كلام رضي الله عنه. أحمد
وأما البهائم فهي مبعوثة بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ، وقال تعالى: وإذا الوحوش حشرت ، والحديث في قول الكافر: يا ليتني كنت ترابا معروف . وما أعلم فيه خلافا.
لكن اختلف بنو آدم في معاد الآدميين على أربعة أقوال:
أحدها -وهو قول جماهير من المسلمين أهل السنة والجماعة، وجماهير متكلميهم، وجماهير اليهود والنصارى والمجوس وجمهور غيرهم- أن المعاد للروح والبدن، وأنهما ينعمان ويعذبان.
والثاني -وهو قول طائفة من متكلمي المسلمين من الأشعرية وغيرهم- أن وأما معاد روح قائمة بنفسها ونعيمها وعذابها فينكرونه. المعاد للبدن، وأن الروح لا معنى لها إلا حياة البدن، فيحيا البدن وينعم ويعذب.
والثالث: ضد هذا، وهو قول الإلهيين من الفلاسفة وطائفة ممن يبطن مذهبهم من بعض متكلمي أهل القبلة ومتصوفتهم، أن المعاد للروح دون البدن. [ ص: 233 ]
الرابع: أنه لا معاد أصلا، لا لروح ولا لبدن، وهو قول أكثر مشركي العرب، وكثير من الطبائعيين والمنجمين وبعض الإلهيين من الفلاسفة.
فعلى هذين القولين ينكر حشر البهائم، وعلى القول الأول يقبل الخلاف.